5 دقائق

أبجديات الإسلام وهمجية الدواعش

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

للإسلام أبجديات لا تخفى على مسلم، من أهمها كلياته الخمس التي اتفقت عليها جميع الشرائع، وأعظمها بعد الإيمان بالله تعالى حرمة النفس البشرية التي تمثل قاسماً مشتركاً بين الناس، فالحفاظ عليها واحترامها يعتبر حفاظاً على النوع الإنساني كله، كما نطق بذلك كتاب ربنا حين قال: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ذلك لأن الإنسان مستخلف الله تعالى في أرضه، ليعبده طوعاً أو كرهاً، واستعمره الأرض ليظهر ملكوت الله تعالى في خلقه ويعرف بوحدانيته وقهره، فكان مكرماً لديه، حتى أنه أسجد له ملائكته الكرام.

«أصبح القتل على الهوية والديانة منهجاً لهم لا يفتأون عنه، وذلك غاية الإجرام في نظر الإسلام لو كانوا مسلمين».

وشريعتنا الخاتمة للشرائع جاءت تؤكد هذه المعاني في عصمة النفس الإنسانية، فلا تنتهك إلا بحقها، وذلك المبين بقوله، صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة»، وما عدا ذلك فهو انتهاك لمحارم الله تعالى وتعدٍّ لحدوده يوجب الهلاك في الدنيا والآخرة، كما قال صلى الله عليه وسلم: « لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دماً حراماً» والدم الحرام هو ما يكون في غير تلك المواضع الثلاثة، وليست هذه الحرمة قاصرة على المسلم، بل على غيره ممن لا يقاتل المسلمين أياً كان دينه، كما روى البخاري عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً»،

ومثل هذه الحرمة لا يجهلها أحد من المسلمين إلا من يزعم الإسلام بلسانه وينكره بأفعاله وأقواله، مثل هذه الفرقة الضالة التي أساءت إلى الإسلام ما لم تسئ إليه طائفة من قبل.

إن الإسلام اليوم يحارب بسببها، والمسلمون يهانون ويتهمون ويهاجمون ويقتلون بسببها، والإسلام ينحسر في الدول الأخرى بسببها، ظناً منهم أن هؤلاء يمثلون المسلمين، ولطالما بيَّن علماء المسلمين أن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، بيدَ أنهم نشأوا بين ظهراني المسلمين، وتلك هي التُّكأة التي يجعلها غير المسلمين سبباً للاتهام،

لقد أصبح القتل على الهوية والديانة منهجاً لهم لا يفتأون عنه، وذلك غاية الإجرام في نظر الإسلام لو كانوا مسلمين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده».

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر