مزاح.. ورماح
حبل زينة..
في الجمعة الأولى من أبريل، وقبل أن ينقشع ضباب الكذب الأبيض، تحتفل المنظمات والدول باليوم العالمي لليتيم، ينصبون له حبل زينة، ويعلقون على المداخل أوراقاً ملوّنة وبالونات مرسومة عليها ابتسامات بالحبر الأحمر.. يوقظونه باكراً، يخرجونه من دفء فراشه، يتفقدون تزرير قميصه جيداً، ثم يأتون به مخفوراً من دار إيوائه إلى قاعة الاحتفال ليذكرونه بـ«يتمه» المقيم..
لئيم من اختار هذا اليوم تحديداً، ولئيم من اختار أبريل ليكون يوماً «لليتم» والفقدان، فعلى حافة الشهر الأولى يكون الاحتفال بيوم الأرض الفلسطيني، وفي ثلثه الأول سقطت ولم تنهض.. وفي أبريل الموزع على تقويم الانقسام، يقطع كل عام شرياناً عربياً.. نتركه ينزف ليموت، في أبريل تقف الغربان على شبابيك الحصون كما لم تفعل من قبل، وفي أبريل تنمو شقائق النعمان حول زوايا القبور لتزيّن الموت ربما، هذا اليتم المسكون فينا يستحق أن يكون كرنفالاً أممياً، لا مجرد احتفال عابر تحت رعاية ضيف من الدرجة الثالثة.
نحن أمة اليتم، فليعلّقوا لنا حبل زينة من أغادير إلى عدن، وليلصقوا لنا قراراتهم الملونة على جدران فلسطين ودمشق وبغداد وطرابلس وصنعاء، ولينفخوا لنا بالونات الوعود ويربطوها بباب المندب.. ومضيق هرمز.. وليرسموا لنا ابتسامات حمراء بدماء الشعوب المراقة، على كل أرض تعمّدت بالعروبة، نحن أمة اليتم التي استحال وطنها إلى دار إيواء.. ننام بأمر المربية الغربية «أميركا» ونصحو على صوت المربية الشرقية «روسيا»، تتقاسماننا كالواجب، وتوزعاننا على القرعة، نحن مجرد نزلاء على الأرض لا ملاكاً لها، علينا ترتيب الفراش «السياسي» وطي «الملاءات» الوطنية كما يروق للمشرفة المناوبة، لا كما يروق لنا.
نحن أمة اليتم.. فمن ذا الذي يقيم لنا جدار اليقظة قبل أن ينقض، حتى نبلغ أشدنا ونستخرج كنز عروبتنا.. ونلثم وجعنا وانقسامنا اللذين لم نستطع عليهما صبراً،
نحن أمة اليتم.. ليس كل من يمسد على رؤوسنا يبتغي الأجر فينا، فربما يتحسس مكان الذبح..
نحن أمة اليتم، لم نعد بحاجة إلى حبل زينة، نحن بحاجة إلى حبل من العقول الرزينة.
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .