5 دقائق

تكريم المتميزين

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

ليس بِدعاً على رجل التميز الأول الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله تعالى ورعاه، أن يولي التميز أولوية خاصة؛ فهو الذي أنشأه يوم أن كان يُنظر إليه على أنه عائق للعمل، وهو الذي رعاه وطوره حتى أصبح مدرسة ذات منهجية خاصة؛ طابعها محمد بن راشد، ومنهجها التقدم غير المتناهي، وشعارها الأولية العالمية؛ مدرسة لا يتخرج منها المتخرجون ليقفوا عند حدود الشهادة، بل يترقون في سُلَّم التميز إلى ما لا نهاية، ومعيار التميز الذي ينشده هو الوقوف على منصة التكريم في يوم التميز المشهود، فمن رقي سلم التكريم فهو أهل لأن يكون متميزاً في تخصصه، وذلك يعني أنه لم يصل إليه إلا بعد جهد جهيد؛ لأن التقييم دقيق، والمنافسة بالغة أشدها، فلا يخلص من العدد الكثير إلا ثلة قليلة تحط عليها الأنظار لتكون أسوة لغيرها ممن يحب الرُّقي للمعالي.

«الحقيقة في التميز أنه منهج الإسلام الذي جعل معيار العمل الدنيوي والأخروي الإتقان».

إن التكريم يعني شحذ الهمم إلى المزيد من البذل والعطاء، والتضحية بالوقت والجهد ليكون المرء متميزاً في عطائه ونفعه، يعي أن المسؤولية عليه أكثر من غيره، لأنه مثالي في عمله وبذله، ولا يكون من المثالي إلا كل عمل راقٍ.

والحقيقة في التميز أنه منهج الإسلام الذي جعل معيار العمل الدنيوي والأخروي الإتقان؛ أما عمل الآخرة فمعياره قول الله تعالى: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ}، والصالح هو القائم على شرعه، والمرضي الخالص لوجهه، وقوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، والأحسن هو القائم على وجه التمام من غير زيادة ولا نقصان، وكل ذلك شامل لعمل الدنيا والآخرة، وهو المبين بما روي عنه صلى الله عليه وسلم: «إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه»، وقد كان لا يرضى من الأعمال إلا ما كان على وجه الإتقان، فأقام العمل على مبدأ الإحسان في كل شيء، كما روى مسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»، ونهى عن الغش، ونهى عن التواكل، ونهى عن البطالة، ونهى عن كل نقص أو تقصير، وجعل الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة على هذا المبدأ.

والتكريم الخاص الذي حظيتُ به من سموه هو تكريم للعلم والوسطية والاعتدال، وذلك هو منهج الإسلام الذي لا عوج فيه ولا أمتى، فمن كان منتمياً إلى العلم فليكن كذلك، ليعم نفعه وخيره، وذلك ما يرمي إليه سموه، حيث دعا وشجع ووجه بأن تكون الوسطية منهج الدعاة والفقهاء، لا التنفير الذي نهى عنه البشير النذير، فذلك مقيت في الإسلام وفي نظر ولاة المسلمين.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر