مزاح.. ورماح

«المال يابن حنيف..!»

عبدالله الشويخ

«أحوط» مع صديقي في حلقات دائرية متتابعة، كعادتنا حين نكون بلا شغل ولا مشغلة ــ كما يقولون ــ وإن كنت لم أعرف حتى اليوم ما الفرق بين الشغل والمشغلة! كرك هنا وكرك هناك.. إلى حين شعورنا بامتلاء المثانة.. ورحلة البحث عن مسجد! أنت تعرف هذه الطقوس تماماً.. بالأمس مررنا بجوار إحدى الجمعيات «شبه الخيرية»، وأرجوك لا تسأل عن الفرق بين الجمعيات الخيرية والجمعيات شبه الخيرية قبل أن تجيبني عن الفرق بين الشغل والمشغلة.. أنا سألت أول!

كان هناك الكثير من السيارات الفخمة تقف خارج الجمعية، المنظر جميل.. قلت لصديقي وأنا أشعر بالنعمة والفضل لأصحاب القلوب الكبيرة.. الحمد لله هذا الإقبال على العطاء للجمعيات لهو ظاهرة إيجابية سيكون لها مردود طيب على المجتمع.. أنت بالطبع تعرف أنني أتكلم معه بهذه الطريقة لأنه يعتبرني المثقف الذي يكتب في الجرايد.. رد عليّ صديقي بإصدار ذلك الصوت وهو يوضح لي: يا عبيط هؤلاء يقفون هنا للحصول على المساعدات وليس لإعطائها.. إنهم يعتبرونها «شرهة» وهم أولى من غيرهم بالحصول عليها..

ذكرني صديقي بموقف آخر رأيته في أحد الرمضانات.. إعفيني من محاضرتك حول جمع «رمضان» لغة واصطلاحاً.. أنت تفهم قصدي.. وكانت هناك تلك المؤسسة التي توزع «المير» الرمضاني، ورغم أن أحداً لم يقل إنه مخصص للفقراء، لكن الموضوع مفهوم من باب أولى.. صدمنا في ذلك اليوم حين رأينا عائلة أحد رجال الأعمال المعروفين تقف أمام باب الجمعية للحصول على المير ومزاحمة المحتاجين إليه فعلاً!

مثل هذه التصرفات من بعض الموسرين الذين يأخذون حق الأسر المتعففة، تجعل علامات الاستفهام تثار بين فترة وأخرى حول الأداء الرقابي للجمعيات.. وهي «ليست ناقصة».. لانزال نذكر الخبر الذي نشر قبل شهر ولم نجد له تفسيراً عن قيام لجنة الأسر المتعففة في إحدى الإمارات بمنح مكيفات جديدة لإحدى المدارس.. المبادرة طيبة وجميلة، لكن السؤال هو: ما علاقة هذه بتلك؟ والقيام بمثل هذه الأمور يضر بسمعة الجهات الخيرية، ويجعل الناس تحجم عن الثقة.. ومعروف أنه لا بديل رسمياً عنها!

من ناحية أخرى، كان موضوع «تحفظ» بعض الجمعيات الخيرية، أخيراً، على قضية الرقابة عليها أيضاً ليس له ما يبرره، فإذا كانت المصادر معلومة بالضرورة والأماكن أو الجهات التي يذهب إليها التبرع معروفة، فلماذا تحفظت الجمعيات؟! الناس ستقرأ هذا التحفظ من باب «يكاد المريب يقول خذوني»، لأنه بالطبع لا أحد يحب أن يعطي بنيّة الصدقة لتتحول إلى غرشة فيمتو لدى راعي البنز! الرقابة حق المتبرع قبل أن تكون حقاً للدولة أيضاً في المتابعة والإشراف..

المال يابن حنيف، ملعون أبو المال.. ذل العزيز وعز ناس ذليلة! مخطئ أنت أيها الجميل بن شعلان.. فدنِيُّ النفس لن تعزه أموال الدنيا.. ولو كانت من الجمعيات الخيرية!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر