غرسُ زايد في كوكب المريخ!
الإمارات ليست نفطاً، كما أنها ليست أبراجاً وبنايات ومراكز تجارية فقط، والإمارات ليست فقط الأكبر، والأضخم، والأعلى في العالم، هي ليست أرقاماً قياسية تتحطم، مخطئ من يعتقد ذلك، ومخطئ من كان يعتقد أن نهضة الإمارات وتطورها ونموها بسبب النفط وحده، ولا شيء غيره!
الإمارات حضارة وفكر ورؤية وعلم ومعرفة، والإمارات هي الأكفأ على مستوى حكومات العالم، وهي الأول في غياب الجريمة المنظمة، وهي الأفضل في الحاكمية الرشيدة، ومن أفضل دول العالم شفافية، وهي الأمن والأمان والعدل والحياة الكريمة، وهذه اعترافات منظمات دولية، وفقاً لمعايير واضحة ومحددة، لا مجال للتلاعب فيها.
«الإمارات دخلت، أمس، نادي الدول الكبرى، ليس من باب العتاد والسلاح والجيوش والقنابل النووية والهيدروجينية، بل من باب العلم والمعرفة وإفادة البشرية». |
الإمارات دخلت، أمس، نادي الدول الكبرى، ليس من باب العتاد والسلاح والجيوش والقنابل النووية والهيدروجينية، بل من باب العلم والمعرفة وإفادة البشرية، أصبحت رسمياً هي الدولة الخامسة التي ستطلق مسبارها للمريخ، بعد أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والهند، ذلك هو التحدي، وذلك هو الإنجاز، وهذا هو معيار التفوق الذي اختارته الدولة وقادتها، التفوق الذي يفيد البشرية لا الذي يُبيدها!
«مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يبعث بثلاث رسائل: الأولى للعالم بأننا أهل حضارة، وكما كان لنا دور سابق في المعرفة الإنسانية، سيكون لنا دور لاحق أيضاً، والثانية لإخواننا العرب بأنه لا يوجد مستحيل، وبإمكاننا منافسة بقية الأمم العظمى ومزاحمتها في السباق المعرفي، والثالثة لشبابنا بأن من يعشق القمم يصل لأبعد منها.. يصل للفضاء.. ولا سقف ولا سماء لطموحاتنا».. هكذا لخص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أهداف الإمارات، ورسالتها السامية لإضافة العلم والمعرفة، والمساهمة في تطور البحث العلمي العالمي بشكل فاعل وحيوي.
الرحلة للمريخ ليست ترفاً، بل هي مساهمة حقيقية من الإمارات في إثراء البحث العلمي العالمي، ومساعدة العلماء في إيجاد أجوبة صعبة احتاروا فيها، وهي أيضاً خطوة مهمة لمستقبل الحياة والأجيال المقبلة على كوكب الأرض، فالمشروع سيوفر للإمارات أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، وسيقوم فريق من الباحثين والعلماء الإماراتيين بدراستها ونشرها، لأكثر من 200 مركز بحثي حول العالم، ليستفيد منها آلاف العلماء المتخصصين في علوم الفضاء.
مساهمة إماراتية رائعة، كما أنها إماراتية خالصة، فلم تلجأ الدولة إلى الحل الأسهل وهو استيراد التقنية والعلماء من دول العالم المختلفة، بل أعدت فريقها الخاص، من أبناء وبنات الوطن، حيث يعمل حالياً في مشروع استكشاف المريخ 75 مهندساً وباحثاً إماراتياً، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 150 مهندساً وباحثاً قبل عام 2020.
إنها الثروة البشرية الحقيقية للإمارات، هذه الثروة التي تفوق في أهميتها النفط، وهؤلاء وغيرهم من الشباب والفتيات هم الاستثمار الحقيقي للإمارات، هذا الاستثمار الذي بدأه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، الذي قال عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عندما خاطب فريق عمل المريخ: «لو رآكم زايد لدمعت عيناه».. نعم كانت ستدمع عيناه فرحاً واستبشاراً، لأنهم هم ثمرة عمله وجهده وحلمه ورؤيته، هم الذين تعب وصبر بجلدٍ لتأسيس دولة حضارية لهم، ومن أجلهم جلس في خيمة على رمال الصحراء، بقرب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، ليضعا أيديهما بأيدي بعضهما، ويحققا معاً حلم الوحدة.. هؤلاء هم غرس زايد..
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .