الفاسدون ينتظرون المكافحة
أثلج صدري وصدر الكثيرين التوجيه الذي وجهه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإنشاء «وحدة مكافحة الفساد» في إمارة أبوظبي.
إن إنشاء وحدة مكافحة الفساد دليل على أن دولة الإمارات تمضي قدماً في هذا المجال، إذ على الرغم من أن الدولة قد احتلت المركز الأول إقليمياً، والمركز الخامس والعشرين عالمياً في مؤشر مكافحة الفساد، باعتبارها من الدول الأكثر شفافية والأفضل في مكافحة الفساد، إلا أن هناك سؤالاً يطرح نفسه بقوة، هل يوجد فساد في دولة الإمارات؟ وهل هناك شكل واحد للفساد أم له أشكال متعددة؟
الإنسان الرخيص فاسد بطبيعته، ولن يتوقف إلا بتغليظ القوانين وتشديد العقوبات. |
يرى الكثيرون أن الفساد يكون في الجانب المالي والاقتصادي فقط، ويتغاضون عن كونه فساداً في مجالات أخرى يمكن الحديث فيها من اليوم إلى ما شاء الله، الفساد ليس فقط في المدير الذي يستفيد من الصفقات وعقود الشراء والمناقصات، ولا في الموظف الصغير الذي يسرب المعلومات مقابل منفعة مادية، ولا في المدير الذي يستثني «الهوامير» من بعض القوانين، ليحصل على هدية كبيرة أو منفعة.
الفساد عندما يتخلى المدير والموظف عن ضميره، فيمارسان نوعاً من الابتزاز على الموظفات، فلا يرفع التقدير السنوي إلا من خلال سياسة الحب والحنان معه، والفساد عندما يقبل المدير بتوظيف أحد أقاربه ويستبعد الأكفأ، الفساد عندما يُعين المدير التنفيذي ابنه في وظيفة مستشار على الدرجة الخاصة، رغم أنه لم يتجاوز الثلاثين من عمره، والفساد أن يستفيد الشخص من مقدرات الوطن لنفسه دون وجه حق، والفساد عندما يتم استبعاد المواطنين الذين يشهد لهم الجميع بالكفاءة والمسؤولية، ثم يُجلب الأجانب كمستشارين لتدفع لهم الملايين دون الاستفادة منهم في شيء.
أعتقد شخصياً أن الفساد يتمثل في الشخص قبل أن يكون في بعض المؤسسات، فالإنسان الرخيص فاسد بطبيعته، ولن يتوقف إلا بتغليظ القوانين وتشديد العقوبات، بعضهم يغره المنصب، والبعض الآخر نفسه ضعيفة لا يستطيع مقاومة الإغراءات التي تأتيه من هنا وهناك.
هنا.. أتمنى إنشاء هيئة لمكافحة الفساد على مستوى دولة الإمارات، وتخصيص رقم معين يستطيع به المواطن والمقيم التواصل مع هذه الهيئة للإبلاغ عن أي نوع من الفساد، وكلي ثقة عندما تكون مثل هذه الهيئة حاضرة وتؤدي عملها المكمل لعمل الأجهزة الأمنية، فإن اللصوص وسارقي المال العام والفاسدين أخلاقياً في العمل، سيكونون عبرة لمن يعتبر.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .