«البلدية».. دائرة بلا مدير!
«ماذا قرأت؟» مبادرة رائعة في فكرتها ومضمونها وطريقة تنفيذها، أبدعها حسين لوتاه، مدير عام بلدية دبي، لتحقيق أهداف عدة بأسلوب محفّز رائع، فهي في المقام الأول تهدف إلى تحفيز جميع الموظفين على القراءة، وزيادة المعرفة، وتوسيع مداركهم ورؤاهم، ليس هذا فحسب، بل وكيفية تطويع ما قرأوه لمصلحة العمل في مجالاتهم المختلفة داخل الدائرة.
«تحقيق العدالة الوظيفية إحدى المهام الصعبة التي يسعى إليها المدير الناجح، والأغرب من هذا كله هو الخطة المستقبلية التي يعكف المهندس حسين لوتاه على وضعها، فهو يُخطط لتنظيم كل شيء وفق برامج علمية قابلة للقياس والتقييم، حتى يصل إلى هدفٍ غريبٍ جداً، وهو تحويل (البلدية) إلى دائرة دون مدير!». |
المهم أن يبدأ الموظف في القراءة، والأهم أن يبحث في قراءته عن أفكار تطويرية يمكنها تطوير العمل في أي من تخصصات البلدية، وإن وصل إلى تلك الفكرة ولم تُطبّق فذلك يصبّ في شكل نقاط تضاف إلى تقييمه السنوي، وإن وصل للفكرة وطُبّقت فالنقاط ستتضاعف، وفرصته للوصول إلى مستوى تقييم عالٍ أكبر بكثير.
فكرٌ غير تقليدي لتحفيز الموظفين على توسيع الأُفق، والتفكير في التطوير المستمر في كل وقت وحين، هذه الأمور، وغيرها كثير، ترجمتها بلدية دبي في شكل جداول تقييمية مرتبطة بمعايير واضحة، وكل معيار له رصيدٌ من النقاط، اكتسابُها يضاعف من فرص ترقية الموظف وحصوله على علاوات تراوح بين 5 و10%، وفُقدانها يعني فقدان تلك الفرصة في الترقي والحصول على العلاوات.
بذلك تضيق الحلقة على المحسوبيات، والمجاملات، ويتقلص دور المحاباة والعلاقات الشخصية مع المسؤول، فجدول التقييم ومعاييره موجود لدى كل موظف، وفيه خانات واضحة قابلة لتسجيل إبداعات الموظفين وإنجازاتهم، يُراجعها فريقٌ محايد، ويقرر استحقاق الموظف، وبذلك فإن لكل موظف الحق في الترقّي وفقاً لإنجازاته وابتكاراته وإسهاماته الحقيقية في تطوير العمل.
حتى الابتسامة وطريقتها قد تُعطيك درجة أو تُنقص منك درجة، وطاقتك الإيجابية ترفعك درجات، وسلبيتك تُنقص منك الكثير.. أسلوبك في التعامل مع الموظفين والمراجعين كذلك له درجات، ولكل مراجع الحق في تقييم الموظفين بشكل فوري، ففي كل إدارة شاشة إلكترونية، تحتوي على أسماء جميع الموظفين، وما على المراجع إلا أن يضع اسم الموظف ووجهاً مبتسماً إن كان راضياً، أو وجهاً عبوساً أحمر إن كان غير راضٍ، وبمجرد تراكم أربعة وجوه عابسة يُستدعى الموظف للتحقيق فوراً!
جمعُ الدرجات والنقاط هو شُغل الموظف الشاغل، وبرنامجُ التقييم لا يستثني موظفاً أو رئيس قسم أو المديرين ومساعدي المدير، جميعهم موظفون مطلوبٌ منهم واجبات عملية، وجميعهم عُرضةٌ للتقييم والمحاسبة، والباب مفتوحٌ للشكاوى، والباب مفتوحٌ أيضاً للمسؤولين في الرجوع إلى جداول الموظفين والتأكد من درجاتهم واستحقاقاتهم للترقيات أو العلاوات، ولغة الأرقام لا تكذب أبداً، وهي خيرُ وسيلة للحصول على الحقوق الوظيفية دون تلاعب!
جميلٌ هو النظام، والأجمل عندما يُطبّق على الجميع، ورائعةٌ هي الشفافية، وتحقيق العدالة الوظيفية إحدى المهام الصعبة التي يسعى لها المدير الناجح، والأغرب من هذا كله الخطة المستقبلية التي يعكف المهندس حسين لوتاه على وضعها، فهو يُخطط لتنظيم كل شيء وفق برامج علمية قابلة للقياس والتقييم، حتى يصل إلى هدفٍ غريبٍ جداً، وهو تحويل البلدية إلى دائرة دون مدير!
هو يعتقد أن دور المدير يجب أن يتركز في تبسيط الأمور وتسهيلها من خلال قوانين واضحة تشمل الجميع وتراعي الجميع، وتجد حلولاً لاختلاف المشكلات بشكل عادل تلقائي، وتالياً فلا حاجة للمراجعين أو الموظفين للبحث عن المدير من أجل الاستثناءات أو التظلّم أو البحث عن حلول.. فكرٌ مذهل حقاً!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .