كل يوم
أكبر من مشكلة ثقوب البطيخ!
البطيخ الإيراني سواء كان مثقوباً بعمد أو من غير عمد، فهذه ليست المشكلة، فنحن لا نشكك أبداً في قدرة أجهزتنا الرقابية على اكتشاف أسباب ثقوب البطيخ، واتخاذ إجراءاتها الوقائية إن كان هناك ما يستدعي اتخاذ مثل هذه الإجراءات.
نستورد 68% من الغذاء والسلع الغذائية الرئيسة من خارج الدولة، فهل نحن جاهزون لأي أزمة تمر بها دول العالم التي نعتمد اعتماداً كلياً عليها في الحصول على لقمة العيش؟ |
أعتقد أن هناك مشكلة أكبر، تفوق بحجمها حجم البطيخ وغيره من المواد الغذائية المتنوعة والمختلفة، التي تعتمد عليها الدولة، ويعتمد عليها كل مواطن ومقيم، ولولاها لأصبحنا في ورطة حقيقية.
إلى أين وصل الأمن الغذائي؟ وإلى أي مدى نستطيع مواجهة أي طارئ في الغذاء؟ وهل بإمكاننا التصرف بسرعة لو ظهرت أي أزمة، أو حدث أي طارئ في سلعة غذائية معينة؟ وهل لدينا البدائل الجاهزة والسريعة لاستبدال مصدر أي سلعة تواجه أزمة أو مشكلة طارئة؟
أسئلة كثيرة تبادرت إلى الذهن بعد أزمة البطيخ، تجعلنا نفتح ملف الأمن الغذائي من جديد، خصوصاً أننا نستورد ما يقارب من 68% من الغذاء والسلع الغذائية الرئيسة من خارج الدولة، فهل نحن جاهزون لأي أزمة تمر بها دول العالم التي نعتمد اعتماداً كلياً عليها في الحصول على لقمة العيش؟!
قبل سنوات عدة، كشفت لجنة الشؤون الخارجية والتخطيط والبترول والثروة المعدنية والزراعة والثروة السمكية، في المجلس الوطني في تقريرها، حول استراتيجية الأمن الغذائي، أن «الدولة لا تملك في ذلك الوقت مخزوناً استراتيجياً من المواد الغذائية التموينية، وفق المعايير العالمية التي تحدّد التخزين الاستراتيجي للمواد الغذائية (من ستة إلى 12 شهراً)»، مشيرة إلى أن «معظم الجمعيات التعاونية بفروعها، لا يكفي المخزون الغذائي فيها لأكثر من 10 أيام فقط، وهو ما ينطوي على خطورة فادحة في حال وقوع أي حالات طوارئ أو أزمات قد تعطّل عمليات الاستيراد من الخارج»!
واقترحت اللجنة آنذاك إنشاء هيئة أو مؤسسة اتحادية مستقلة، تكون مهمتها الأولى تحقيق الأمن الغذائي، عن طريق زيادة الاستثمارات في مزارع الدواجن والأبقار، لتغطية احتياجات الدولة، ودعم الإنتاج المحلي، الزراعي والثروة الحيوانية، والسمكية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات الغذائية، والاستثمارات في شركات الغذاء على المستوى العالمي، والاستثمار في الأراضي الزراعية، والاستثمار في أسطول نقل يتبع الدولة وتتحكم فيه في جميع الظروف، لتأمين وصول السلع.
هذا الاقتراح أيدته، أخيراً، منظمة «الفاو»، حيث اقترحت على الدولة ثلاث استراتيجيات تضمن حفظ الأمن الغذائي في الإمارات، على المديين المتوسط والطويل، ولتحقيق مخزون استراتيجي من المنتجات الزراعية والحبوب، يستفاد منه عند الحاجة، خصوصاً في ظل التطورات السياسية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً.
هذه الاستراتيجيات الثلاث تتلخص في إنشاء مركز اتحادي للأمن الغذائي، على غرار المعمول به في إمارة أبوظبي، والاستثمار الزراعي الخارجي، لا سيما في دول السودان ومصر وباكستان، إضافة إلى توقيع اتفاقات طويلة المدى لاستيراد الحبوب واللحوم من دول متعددة.
وجود مثل هذه الهيئة ضروري للغاية لحل مشكلة أكبر من مشكلة ثقوب البطيخ، ولإيجاد بدائل عدة لمصادر كل سلعة غذائية، بحيث يمكن الحصول عليها فوراً من مصادر مختلفة في حال وجود أي طارئ في دولة من الدول المصدّرة للسلع، فما المانع من وجودها لغاية الآن؟
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .