الاستعداد لرمضان

سيهل علينا شهر رمضان إن شاء الله تعالى قريباً، وقد بدأ استعداد الناس لاستقباله، كلٌّ بما يراه موسماً له؛ فالقراء بتثبيت حفظهم للقرآن الكريم لتلاوته في التراويح والتهجد، والعلماء بمراجعة فضائله وأحكامه لتذكير الناس بها في المواعظ والخطب ونحو ذلك، والتجار بتوفير السلع التي يكثر شراؤها، ووسائل الإعلام بالمسلسلات التي تشغل الناس عن الطاعة وتبعدهم عن وظيفة الشهر في الصيام والقيام وتلاوة القرآن والأذكار.. وهكذا كل إناء بما فيه ينضح.

المؤمن الذي يتمنى إدراك رمضان ليسيح فيه بعبادة الله تعالى الكثيرة، تكون نيتُه مطيتَه لهذه السياحة الإيمانية.

والاستعداد الأمثل هو الاستعداد النفسي لاستقبال هذا الشهر الكريم بنية صالحة تجعل المرء عابداً بالصيام قبل أن يتلبس به، وهو الذي كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يهيئ به أصحابه الكرام وأمته المرحومة فيقول: «أظلكم شهركم هذا... بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله يكتب أجره ونوافله من قبل أن يوجبه، ويكتب وزره وشقاءه قبل أن يدخله، وذلك أن المؤمن يعد له من النفقة في القوة والعبادة، ويعد المنافق اتباع غفلات المسلمين، واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، ونقمة للفاجر، أو قال: يغتم به الفاجر».

فالمؤمن الذي يتمنى إدراك رمضان ليسيح فيه بعبادة الله تعالى الكثيرة تكون نيتُه مطيتَه لهذه السياحة الإيمانية، فإن أدرك مراده وإلا فإنه مأجور بنيته التي لعلها تكون خيراً من عمله كما ورد، فكيف نُعد هذه النية الصالحة؟ والجواب يكون إعدادها بنية أن يصومه إيماناً واحتساباً لله رب العالمين، نية مسبقة قبل دخوله استعداداً، وبعد دخوله تبييتاً من الليل، وبتهيئة النفس لأن تُنافس المتنافسين بالقيام والقرآن والصدقات وفعل الخيرات، وبالعزم على أن يكون رمضان مكفراً لجميع الآثام، وذلك بصدق التوبة فيه لله رب العالمين، كما وعد بذلك الصادق الأمين بقوله: «رغم أنف امرئٍ أدرك رمضان لم يُغفر له»، أي لم يعمل عملاً يكون سبباً لمغفرة ذنوبه، ومعلوم أن الأعمال قد تكون قاصرة لضعف ابن آدم أو انشغاله، بينما لو كانت لديه نية صالحة بأعمال عظيمة فقد ينال أجرها وإن تقاصر عمله، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلماً، فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا، عملت فيه مثل الذي يعمل»، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«فهما في الأجر سواء»، ولذلك قالوا:

فصحح النية قبل العمل وأتِ بها مقرونة بالأول

نسأل الله حسنها.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة