مزاح.. ورماح
و..ناسا
قبل شهر ونصف حصل شاب عربي أردني يدعى د.محمد طه عبابنة على جائزة قيمتها 750 ألف دولار من الوكالة الوطنية للملاحة الفضائية في أميركا «ناسا».. لا على صوته العذب، ولا على لياقته وليونته أثناء الرقص على مقطوعة أول مرة تحب يا ألبي.. وإنما لنجاحه في المرحلة الثانية لتطوير نظام تبريد متطور للمركبات الفضائية التي ستستخدم على سطحي القمر والمريخ، باستخدام تقنية الأنابيب الحرارية المهجنة (hybrid heat pipes).. طبعاً لم يحتفِ أحد بالشاب الأردني أو يشيد بإنجازه سوى بعض الصحف المحلية التي تعاملت مع نجاحه أقل بكثير من اهتمامها بحادثة «طهور» ابن مسؤول، فاحتل مساحة تساوي أو تقل قليلاً عن مساحة فوائد الكيوي في الصفحة الأخيرة.
شاب عربي أردني مولود في إحدى القرى المنسية تكرّمه وكالة «ناسا» الفضائية بجائزة قيّمة لعبقريته في إيجاد نظام تبريد للمركبات الفضائية التي تحط على سطحي القمر والمرّيخ، وتسلّمه إدارة مشروع الفريق البحثي في بنسلفانيا الذي يضم علماء أميركيين وجنسيات أخرى.. ولا يكترث له أحد، بينما السقوط الحرّ لفستان هيفاء وهبي يحصد مليون مشاهدة في ثلاثة أيام.
نظام تبريد للمركبات الفضائية، وهنا ما زلنا نلف المدينة الصناعية ورشة ورشة وباباً باباً لتتعرف إلى أخصائي تكييف سيارات يعرف مصطلحاً ثانياً غير كلمة «غاز» فلا نجد، فكلما شكوت من ضعف التبريد أو صوت الزامور أو ضوء التابلو، قال لك المصلّح دون أن يفتح الغطاء «فيش غاز»، حتى لو ملأها وبقيت المشكلة نفسها فإنه سيعوّل في ذلك إلى سبب مرادف «البلف بينفّس»، وللأمانة آخر أخصائي تكييف وتبريد توصل إلى حلّ خرافي عندما عجز عن المشكلة فقال لي جاداً: «حاول تطلعش فيها بالنهار.. خلي شغلك بالليل بس..»، شايفني «وطواط» الأخ!
ترى لماذا يبدع شاب عربي أردني في ما وراء المحيطات ويصبح علامة فارقة في تاريخ الوكالة الوطنية الأميركية، بينما يعجز عن إيصال رسالته أو تأمين وظيفة براتب يحترم كرامته في أي من بلاد العرب أوطاني؟ باختصار ومن دون مقدّمات أو مواربة.. لأن في أميركا عندهم «وكالة ناسا الفضائية».. أما نحن، فعندنا «قناة وناسة الفضائية».
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .