هريس وساقو وفرني

عندما كنا صغاراً عاش أغلبنا في بيوت صغيرة مكونة من دور أرضي، ربما ثلاث غرف نوم على الأكثر، مع ملحق صغير، كانت حياتنا بسيطة، تلفزيون واحد لكل أفراد الأسرة، نتابع من خلاله البرامج والمسلسلات، وربما جهاز فيديو كبير الحجم، وأحياناً ألعاب إلكترونية صغيرة جداً، غالباً ما كانت عبارة عن لعبة واحدة مبرمجة فيها.

مع العصر تدب الحياة في أروقة المكان، يصبح المطبخ مركز عمليات لطهي الطعام، صالونة لحم وثريد.

كان من الصعب أن نعرف بداية شهر رمضان في توقيت مبكر، ربما مع آخر الليل تأتي الاتصالات لنعلم من خلالها أن الغد سيكون اليوم الأول من رمضان، كنا كأطفال نشعر بالسعادة مع بداية هذا الشهر الكريم، سيكون شهراً مختلفاً عن بقية الشهور.

نجد أنفسنا مضطرين إلى إطالة النوم في فترة الصباح، خصوصاً عندما يصادف رمضان عطلة المدارس، نستيقظ بعد الضحى، نشعر بهدوء غريب يعم المكان، ربما تشاهد جدتك تقرأ القرآن منزوية في غرفتها الصغيرة، وقد تدخل على أمك فتجدها هي الأخرى تقرأ القرآن.

ننتظر البث التلفزيوني، قناتان لا أكثر، هما أبوظبي ودبي، الأولى تبث على فترتين، والثانية على فترة واحدة، عند فترة الظهيرة يتغير الوضع بالنسبة لنا، غالباً ما كان يعرض في رمضان مسلسل كرتوني جديد، أتذكر جيداً عندما تابعنا مسلسل السندباد للمرة الأولى، ثم تأتي بعدها المسلسلات العربية والخليجية تباعاً، أغلبها كان مسلسلات خالية من الفسق والفجور اللذين نشاهدهما هذه الأيام.

مع العصر تدب الحياة في أروقة المكان والفريج، يصبح المطبخ مركز عمليات لطهي الطعام، صالونة لحم وثريد، وعيش برياني، بينما يتم دق وطهي الهريس خارج المطبخ، ولا ننسى حلوى الساقو والفرني والجيلي والكريم كراميل.

ولا نكف نحن الصغار عن الدخول والخروج، نسأل كل عشر دقائق عن موعد الأذان، وعندما يجهز الطعام، نحمل الملال (الصحون المجوفة) وغيرها إلى الجيران، كل صحن به علامة تدل على أنه ملك لبيتنا كي لا تختلط الصحون مع صحون الجيران، نتسابق لتوصيل الطعام في الفريج، ونرجع بسرعة ونحن نتسابق قبل أذان المغرب.

نجلس على الأرض أمام الطعام، صينية كبيرة بها الوجبة الرئيسة، وصحون أخرى تحوي أنواعاً أخرى من الطعام، ولابد أن يكون شراب «السن كويك» حاضراً برفقة صديقه «الفيمتو» لنشرب منه بعد الانتهاء من تناول الطعام، ويصبح البرطم باللونين الأحمر والبرتقالي.

هكذا عشنا يومنا في نهار رمضان، نتذكر تلك الأيام بحلوها وقساوتها أحياناً ونحن نعلم أنها أيام لن تعود.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة