الأوغاد
الوَغدُ في اللغة هو الإنسان الدنيء الخسيس، وكما نقول باللهجة العامية «خايس»، والخايس هو الشيء الذي تلوث وأصبح غير صالح للاستعمال، أو ربما يحتاج إلى التطهير والتعقيم، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أنواعاً من «الخياس» لا ينفع معهم أي مطهر أو معقم حتى لو غسلته لمدة أسبوع كامل.
خرج لنا أوغاد ديجتال في وسائل التواصل الاجتماعي لا يختلفون كثيراً عن الأوغاد الحقيقيين. |
عندما نعيش في هذه الدنيا نتعامل مع الحسن والسيّئ، والطيب والشرير، ستكون مجبراً على التعامل مع البشر بمختلف صفاتهم وطبائعهم، والإنسان السوي يتمنى لو كانت هذه الدنيا خالية من الأوغاد الذين يصرون على تحويل حياة الآخرين إلى جحيم.
في محيط العمل إن كان حظك سيئاً ستتعامل مع أحد الأوغاد، ستعرفه لا محالة لأنه متسلق يبيع كل شيء من أجل مصلحته، لا يتوانى عن النفاق والكذب وفعل أي شيء ليكون في المقدمة، سلاحه الغيبة والنميمة والوشاية وضرب الموظفين ببعضهم بعضاً.
وفي الحياة العامة خارج إطار العمل، ستجد الكثير من الأوغاد الذين «ينقزون» من مبدأ إلى مبدأ، يتلونون ويغيرون جلودهم حسب ما تقتضيه المصلحة، قد يتحولون إلى «مطاوعة» وربما إلى «ليبراليين» وأحياناً «مطبلين» ولا تستبعد أن يتحولوا من رأي إلى رأي في ظرف يوم واحد حسب التيار والموجة التي تحمل المنفعة، لا يختلفون عن أي وغد يدوس غيره ليعيش دون مراعاة للأخلاق والدين.
في الوقت الراهن خرج لنا أوغاد ديجتال في وسائل التواصل الاجتماعي لا يختلفون كثيراً عن الأوغاد الحقيقيين، لا تخلو وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي إلا وتجد فيها واحداً من هؤلاء. وغد ليبرالي، وغد متدين، وغد مثقف، وغد متحرش، وغد انتهازي واستغلالي.. إلخ.
يختلفون في الغاية ويتفقون في الأسلوب، أسلوبهم قائم على التحريض والتخوين، اللعب تارة باسم الوطنية، وتارة أخرى باسم الدين، وتارة ثالثة باسم الحريات، هنا لا أقصد الاختلاف في الآراء ولا النقاش الحاد ولا الغيرة على الدين والمجتمع، بل أقصد ممن يقتاتون على الخلافات، الذين يشقون الصفوف بأساليبهم الملتوية، لا يتوانون عن ضرب فلان وعلان بخبث ولؤم لأهداف شخصية بحتة وتصفية حسابات قديمة.
علمتني الحياة أن العمر قصير جداً لا يستدعي أن نخرج أسوأ ما فينا لنتسلق الأكتاف والرقاب، الحياة جميلة بالطيبين الذين يجعلون للحياة معنى، وسيئة بالأوغاد الذين ينغصون على البشر، بيدك الاختيار، لكن احذر من أن تكون أحد أولئك الأوغاد الذين تلاحقهم اللعنات في كل مكان.
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .