5 دقائق
لنتعلم أن نتعلم
«إن التعلم اختيار»، «لن يجبرنا أحد على التعلم»، «إذا كنا نعتبر التعلم مكلفاً فيمكن اختيار عدم التعلم»، هذه بعض أقوال «إدوارد ديمنغ»، الأب الروحي لنظرية الجودة الشاملة، وقد ترجمتها بتصرف، حيث إنه في مقولته الأخيرة كان أكثر حدة، حيث قال: «إذا كنت ترى أن التعلم مكلفاً فعليك بالجهل»، أي أن إحجام الإنسان عن التعلم بسبب التكلفة أو الوقت هو بمثابة اختيار ضمني لبديل التعلم وهو الجهل. وحتى تتضح أهمية التعلم، وخصوصاً التعلم الواعي، لا يحتاج المرء إلا إلى التفكر والتأمل في التحديات والمشكلات التي يمر بها، وكذلك تمر بها المؤسسات والدول، سيتضح أن القاسم المشترك في كل المشكلات هو إما عدم الرغبة في التعلم، أو عدم القدرة على التعلم، أو كلاهما معاً.
«حتى يكون التعلم فعّالاً ومستداماً فلابد من توافر عوامل نجاح رئيسة، أهمها التواضع، ووضع التعلم موضع التنفيذ، وكذلك الشجاعة والبعد عن ثقافة اللوم». |
في السيناريو الأول قد يكون الإنسان قادراً على التعلم، ولكن ليس لديه الرغبة في ذلك، وقد ترجع الأسباب لقناعة الإنسان أن ما يقوم به حالياً هو أفضل شيء، وأنه لا يحتاج إلى التعلم أو التحسين (أي ليس بالإمكان أبدع مما كان)، وبالتالي قد تكون هناك مشكلات حقيقية، لكن العقل الباطن ينكر ذلك ولا يريد أن يتقبلها، المثال على ذلك نظرية «الضفدع المغلي» Boiled Frog التي استعرضها «آل جور» في فيلمه الوثائقي «الحقيقة المرة». أما السيناريو الثاني فتوجد فيه الرغبة في التعلم، لكن لا توجد القدرة، وقد يرجع ذلك لأسباب مالية، أو لمحدودية قدرات الإنسان، مثل بطء التعلم أو إعاقات التعلم بأنواعها. أما السيناريو الثالث فهو عدم الرغبة وعدم القدرة، وذلك بمثابة كارثة حقيقية تؤدي إلى الدمار.
إن الوضع المثالي هو أن يكون لدى الإنسان أو المؤسسة أو الدولة الرغبة الحقيقية في التعلم، وبالتالي تخصيص الموارد الملائمة لهذا التعلم، وقبل ذلك التواضع الكافي لقبول التعلم، والاستعداد لمحو التعلم القديم واكتساب معارف ومهارات وفكر جديد، وتبني فلسفة التعلم الواعي المرتبط بتغيير وتحسين حقيقي. ومن أهم متطلبات التعلم الحقيقي هو اكتشاف طرق التعلم المختلفة، حيث إن البشر يتعلمون بطرق مختلفة وبأساليب وسرعات مختلفة، فقد يتعلم الإنسان بالملاحظة والتقليد، ومن ثم الابتكار والإبداع في مراحل لاحقة؛ وقد يتعلم من الفشل ومن حل المشكلات، وقد يتعلم بالطرق الرسمية مثل التدريب والتعليم الأكاديمي، وقد يتعلم بطرق غير رسمية مثل التعلم الاجتماعي من البيئة المحيطة وتجاربه وتجارب الآخرين. وحتى يكون التعلم فعّالاً ومستداماً فلابد من توافر عوامل نجاح رئيسة، أهمها التواضع، ووضع التعلم موضع التنفيذ، وكذلك الشجاعة والبعد عن ثقافة اللوم.
@Alaa_Garad
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .