مزاح.. ورماح
وجه من قصاص..
عندما يحدث زلزال في جزيرة ما، لا تستطيع العنادل أن ترفو انشقاق الأرض بخيطٍ من تراب، ولا تستطيع أن توقف الانهيار بريشها الناعم كورق الورد.. كل ما تستطيع فعله هو أنها تغرّد خوفاً وفزعاً، وتصفق بجناحيها هرباً إلى السماء..
الفنانون والأدباء «عنادل» السلام التي تكره الحرب، يرسمون يكتبون يغرّدون خوفاً وفزعاً، ويرفعون أيديهم للسماء.. يواجهون المسدس بقلم، والبندقية بريشة، والطائرة بـ«يمامة»، وحاملة الطائرات بورقة توت تسبح في النهر، يواجهون الدم بطلاء الأظافر، والمشانق ببالونات فرح.. الفرح يرتقي فوق مشنقة اليأس، كما يرتقي البالون على مشنقة الخيط.
فنانة أوكرانية جمعت أكثر من 5000 رصاصة فارغة من مناطق النزاع بين القوات الأوكرانية وفصائل موالية لروسيا، فالرصاصة التي تطلق مرة نصفها الفارغ سيحيي الفكرة ألف مرة، جسد النحاس السفلي ينتفض على رأس القتل، قائلاً: إن اخترتم الموت فقد اخترنا الحياة.
الفنانة داريا تجمع من الأرض بذار الموت، تركض بها من باحة إلى باحة، وتكلف أصدقاء مقرّبين ليساعدوها في جمع الملامح، وعندما يتوافر لها العشرات من الطلقات الباردة، تعتكف في مشغلها وتبدأ برصها الواحدة تلو الأخرى فوق لوحة تحمل ملامح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتصنع وجهاً من «رصاص فارغ» أو وجه «وجه الحرب»، كما سمتها.
5000 رصاصة كانت كافية لرسم ملامح «وجه الحرب» في أوكرانيا، ترى كم رصاصة وقصاصة نحتاج لرسم وجه الحرب في فلسطين؟! كم رصاصة نحتاج لنتقن «عقفة» أنف نتنياهو التي تشي بالغطرسة والكبر وشغف القتل؟!.. عذراً «داريا» 5000 رصاصة قمتِ بجمعها في أوكرانيا كانت كفيلة بإيصال الفكرة، نحن سنجمع أكثر من 5000 «رضعة حليب» فارغة تركها أصحابها قبل أن يكملوها، فبطل القتل في الشرق الأوسط ــــ أخصائي الأطفال ـــ «نتنياهو» لايزال يحقق انتصارات مؤزرة على «الرضّع» و«الأجنّة»، فهم الصيد السهل، وهم بخور القلب عندما يحترق حزناً!
من غزة إلى أريحا إلى القدس إلى الخليل إلى نابلس، سنجمع «رضاعات» الأطفال الفارغة، لنرسم بها وجهاً تذكارياً لـ«نتنياهو»، وعندما تكتمل صور الوجه المطاطي نعقد «لفاع» الرضيع علي الدوابشة فوق الصورة كرابطة عنق.. جرساً من قماش، كي لا ننسى، ولكي يكتمل وجه القصاص!
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .