«علي بابا»
قبل نحو عام أثارت وسائل الإعلام العالمية حادثة حصلت في إحدى الدول العربية.. حينما طارت طائرة من مطار تلك العاصمة العربية إلى مطار دولة عربية ثانية، وقبل وصولها بنصف ساعة اكتشف أحد أبناء المسؤولين (في بلد الإقلاع) أن الطائرة قد فاتته، فغضب وأرغى وأزبد واتصل مهدداً، ما جعل قائد الطائرة وبسبب الضغوط عليه وخوفاً من الأحمق ابن الأحمق الذي يمتك والده إحدى أكثر الميليشيات قذارة ودموية عبر تاريخ منظمته السوداء، يعود بكل بساطة مرة أخرى إلى مطار المغادرة لكي يلتحق المجرم الصغير بالطائرة..
في ذلك اليوم تيقنت أن الفقيه يخرج لسانه لنا!
لقد بدا واضحاً المرحلة التي وصل إليها ذلك القطر من فساد وانهيار وانحطاط مرحلة ربما تحتاج إلى عشرات السنوات فقط لتنظيف القذارة الروحية والإدارية والأخلاقية التي أصبح عليها.. بعد أن كان مناراً للعلم والفكر والعطاء.
المشكلة ببساطة أن الدولتين، التي أقلعت منها الطائرة والتي كانت الطائرة ذاهبة إليها تحت احتلال شبه مباشر عبر ميليشيات عميلة للفكر الثوري.. والثوري أصلها للثور لا للثورة.. فائدة لغوية!
أتذكر الطائرة وأنا أقرأ خبراً في موقع «سنيار» الإخباري يقول إن سفارتين لم تقدما العزاء في الجنود الشهداء.. وبالطبع فلا داعي للذكر بأن من نحسبهم في مكان أجمل بكثير من أرض المعركة.. ليسوا بحاجة لصدقة الدولتين سيئتي السمعة.. ولكن ما حز في النفس كثيراً.. أن تلك الدولة.. تلك النخلة.. التي كانت.. تلك التي صدرت للأمة كل هذا الكم من العلماء والشعراء والعسكريين أصبحت منزوعة القرار لدرجة أكثر مما لو كانت إقليماً فارسياً يتمتع بالحكم الذاتي.
زرتها ذات مرة في أيام عزها.. كان بائع الخبز فيها إذا تعثر في مشيته صب جام لعناته على الفقيه.. واليوم كما ينقل لنا تباع صور الفقيه فيها جنباً إلى جنب مع التذكارات السياحية.. أيّ شرٍ عابر للأزمنة والقارات حملته عمامة الشيطان تلك؟!
ما يهم اليوم ونحن نحزن لحال نتأكد من أنه لن يستمر في إحدى قلاع العروبة، هو التأكيد على أن الفقيه ومن يمثله، وما يمثله، ليس رمزاً دينياً على الإطلاق.. بل هو رمز فكري وسياسي وعسكري.. ولم يعد من المقبول وجود ذيول فكره أو سيرته أو تقديسه.. لأن التجارب أثبتت أن تصدير ما يعرف بالثورة.. يسلب من سفارات ودول إرادتها.. فما بالك برجل الشارع البسيط!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .