مزاح.. ورماح

والخطاب واحد..

أحمد حسن الزعبي

تذكرون رئيس زيمبابوي، السيد موغابي، الذي فاز ـــ مصادفة ــ بالجائزة الكبرى لليانصيب الخيري في بلاده قبل أعوام؟ ذلك الرجل صاحب الشارب الضيق الرفيع النازل بين فتحتي الأنف «بمسرب» واحد، هل عرفتموه؟ إنه نفسه الذي يجلس على الكرسي الرئاسي نفسه منذ عام 1987، ولا يفكّر في القيام عنه إلا للاضطجاع في التابوت.. لا يهم إذا خانتكم الذاكرة.. بإمكانكم الاستعانة بـ«الويكبيديا»، والتعرف إلى سيرته الذاتية بشكل مفصل، هذا الزعيم الإفريقي الأطول عمراً، ألقى قبل أيام كلمة مكررة في جلسة افتتاح البرلمان، كان قد ألقاها قبل شهر في مناسبة أخرى، المتابعون للخطاب المكرر، كانوا «يسمّعون» للرئيس ماذا سيقرأ بالجملة والكلمة والحرف والنقطة والفاصلة، لأن الخطاب هو نفسه بفقراته ومحاوره و«كلاشيهاته» لم يتغير فيه شيء.. طبعاً النواب المعارضون لم يستطيعوا تنبيه الرئيس إلى أن خطابه ألقي حرفياً قبل أسابيع، وذلك لأنهم تلقوا تهديداً بالقتل من الأجهزة الأمنية إن نبّهوا الزعيم النبيه، أو أزعجوه أثناء قراءته الخطاب «المسخّن»!

 

**

أنا مع موغابي هذه المرة.. لماذا عليه أن يكتب كلمة جديدة لمناسبة متكررة؟ مازال سيركز على النقاط نفسها، فهو حتماً سيطرح «الساءات» التي تبناها منذ توليه السلطة.. «سوف نقوم على الإصلاح الاقتصادي».. «سوف نحارب الفساد».. «سندعم التعددية السياسية»... وبما أنه لم ينجز أياً من الوعود التي قطعها منذ ثلاثين سنة، فلمَ يغيّرها إذن؟ دع الخطاب، ذات الخطاب.

ما يحدث في الوطن العربي، لا يفرق كثيراً عمّا يحدث في زيمبابوي.. منذ أن وعينا على الدنيا ونحن نسمع الكلمات نفسها والخطابات نفسها.. ندعم الأشقاء الفلسطينيين في قضيتهم، نطالب إسرائيل بتطبيق 242().. نتطلع إلى مزيد من التعاون العربي المشترك.. الحرص على علاقات قوية ومتينة مع الدول الشقيقة والصديقة.. لن يكون أحد فوق القانون.. سنحارب الفساد ونجفف منابعه.. سنتابع عملية الإصلاح السياسي بتدرج وثبات.. سينعكس برنامج التصحيح الاقتصادي على حياة الفرد والمجتمع.. سنقضي على جيوب الفقر والبطالة.. لا تستطيع من خلال سماعك الخطابات أن تحكم إن كان هذا الخطاب قيل الآن أم قبل عشر سنين، أم سيقال في العام المقبل.. فلا خطة عمل تلزم الزعيم، ولا شعب يحاسبه.. ولا انتخابات تزعزع شعبيته! فهو مثل مرض السكري باقٍ معك إلى الأبد، إلى أن تفارقه!

إذن، كما تلاحظون أن «الموغابيين» في وطننا العربي كثر، ويتوافرون بتشكيلة ألوان ومقاسات مختلفة! موغابي رجالي، موغابي ستاتي، موغابي بناتي وولادي، وموغابي «محيّر».

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر