5 دقائق
المعلم والتعلم في سباق مع الزمن
التعلم مرحلة عمرية تبدأ منذ الصغر، ولا تنتهي إلا بانتهاء الكبر، كما يقال: اطلب العلم من المهد إلى اللحد، وأحرى الناس بالتعلم المعلم الذي يقوم بهذه المهمة العظيمة، فهي مهمة النبيين، عليهم الصلاة والسلام، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت معلماً»، المهمة التي قال عنها شوقي:
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا
ولا يكون المعلم كذلك إلا إذا كان محباً للعلم، شغوفاً به، يزداد منه كل يوم، كما قال الشافعي، رحمه الله:
كلما أدبني الدهــــــــــــــــــــــــــر أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علماً زادني علماً بجهلي
• لعل المعلم قد لا يدرك خطأه في تصرفه، لما يرى لنفسه على تلميذه من المزية، فعلى الجهة التي ترعاه وتشرف عليه أن توقفه على عيوبه التي لم يدركها، وليس ذلك إلا بوسيلة صقل مواهبه. |
ولايزال الرجل عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه قد علم فقد جهل، كما ورد في الأثر، ولايزال أصحاب المهن يصقلون مواهبهم ويجددون معلوماتهم، فإن وقفوا في مستواهم العلمي والمهني تأخروا، فالعلم سواء كان نظرياً أو تجريبياً، لابد من العناية به ليلاً ونهاراً؛ لأن ما يناله المرء منه، مهما بلغ كثرة، فهو أقل من القليل، كما قالوا: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك.
نقول هذا في موجة النكير على المدرسين الذين لايزالون في أسلوبهم القديم، تربيةً وتعليماً، ظناً أن ذلك الأسلوب الذي تربوا عليه لايزال نافعاً في جيل اليوم الناشئ على الدلال، لأنهم لم يتلقوا مهارات التعليم الجديدة، فلامهم الناس على تصرفاتهم، ولعلهم قد فصلوا من عملهم، فخسرهم الميدان التربوي، وخسروا هم معاشهم وسمعتهم، وكان بالإمكان أن يظلوا معلمين ومربين لو وجدوا بعض العناية، تكليفاً، أو سعياً حثيثاً من أنفسهم.
إن التربية بالضرب والتعنيف والزجر ونحو ذلك، نشأت عليها أمم، وتعاقبت عليها في كل بلد، يوم أن كان التعليم مقصوداً لذاته، وهو شرف العلم والخروج من دائرة الجهل، أما اليوم فهو مقصود لأثره النفعي، فلا يصبر الطالب على جفاء المعلم ولا على زجره، فإن لم يتفنن المعلم في كسبه وإيصال المعلومة إليه فسيهجر ويستبدل بمن هو خير منه أداءً وأحسن كسباً.
ولعل المعلم قد لا يدرك خطأه في تصرفه، لما يرى لنفسه على تلميذه من المزية، فعلى الجهة التي ترعاه وتشرف عليه أن توقفه على عيوبه التي لم يدركها، وليس ذلك إلا بوسيلة صقل مواهبه، وزيادة خبراته في التربية قبل التعليم، فإنه لا يهون عليها خسرانه وقد تعبت في كسبه، كما لا يهون عليها نفور الطلاب وهي أحرص ما تكون عليهم، فبذلها المزيد من الجهد من أجل زيادة مهارات المعلم يحقق لها النجاح، ويكسبها السمعة الطيبة في حسن التربية وكسب التعليم.
«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»