5 دقائق
ما أعظم الرفق
«إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق»، حديث شريف تذكرته وأنا أقف في المطار منتظراً دوري وأمامي عائلة من أب وأم وثلاثة أطفال، وإذا بالأب يصفع ابنه على وجهه صفعة أحدثت صوتاً لفت انتباه المحيطين، ليس هذا فقط بل عنفه تعنيفاً شديداً جداً، وكل ما هنالك حسب ما فهمت أن الطفل لم ينتبه لكلام الأب الذي طلب منه أن يناوله شيئاً من الحقيبة، وقبل ذلك رأيت المشهد نفسه أباً يضرب ابنه بقسوة بعد خروجهما من المسجد، فتحدثت إليه أن يرأف به لكنه لم يتوقف إلا بعد أن هددته بطلب الشرطة.
• إذا اختلفنا مع من نحبهم، فلنترفق في الخلاف، ولنترك دائماً خط رجعة. |
إن الرفق سمة عظيمة جداً، ولها أثر إيجابي في المحيطين بالإنسان وفيه هو بالدرجة الأولى، وإذا كان الأقربون أولى بالمعروف، فعلى الإنسان أن يترفق بأهل بيته، خصوصاً الأطفال الذين قد يتأثرون بكلمة جارحة أو نظرة قاسية، فما بالك بالصفع وأكثر من ذلك أحياناً. لا يدرك الأهل أن مثل هذه المعاملة تترك جروحاً وندوباً في نفسية وشخصية أطفالهم لا يمكن علاجها، بل وتلازمهم طيلة حياتهم، وتخلف لديهم رواسب نفسية، لقد حثنا الإسلام وكل الأديان السماوية على الرفق، وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه».
الجميل في الموضوع أنه على الرغم من أن الشخصية لا تتغير، لكن السلوك يمكن أن يتغير فيكتسب الإنسان سلوكيات إيجابية تسعده وتسعد كل من حوله إذا أراد هو ذلك عن قناعة. وليبدأ الإنسان بنفسه وبدائرة المحيطين به وأولهم الأطفال، ليس فقط بأبنائه بل بأي طفل، فلنحاول أن ندخل البهجة ولو بابتسامة لا تكلفنا شيئاً. وإذا اختلفنا مع من نحبهم فلنترفق في الخلاف، ولنترك دائماً خط رجعة. أحياناً يظهر العنف في كلامنا وأفعالنا حتى البسيطة التي لا نلاحظها، فمثلاً نضطر لإرسال رسائل إلكترونية أو نصية شديدة اللهجة تجرح من يقرأها ونحن لا ندرك ذلك، وقد كان لي صديق يتفنن في التأكيد على عنف الكلمات بأن يضع تحتها خطاً، ويكبر حجم الخط وما إلى ذلك، وشخصياً قد تعلمت درساً مهماً جداً أفادني كثيراً في الفترة الأخيرة، هو ألا أتصرف في لحظة الغضب، وإن كان لابد من كتابة بريد عنيف أو رسالة ولم نستطع المقاومة فلنكتبها ولكن لا نرسلها، ثم نقرأها في اليوم التالي لنرى إذا كان لايزال هناك داعٍ لإرسالها. الأغلب أنه لن يكون هناك داعٍ. اللهم ارزقنا الرفق في كل ما نقول ونفعل.
@Alaa_Garad
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .