مزاح.. ورماح
محتوى واحد
لو أن علماء التشريح دخلوا إلى عقل المواطن العربي هذه الأيام، بكل أسلاكهم الدقيقة ومجساتهم وقسطراتهم وملاقطهم ذات الرؤوس الإبرية، لاكتشفوا أن «فيوز» التغيير معطوب منذ نصف قرن على الأقل، وأن الجين المسؤول عن التجديد وحب الحياة «خرج من الجسد» ومكانه مازال فارغاً تماماً كما السنّ المقلوعة.
تابعوا هذه الأيام أي انتخابات تجري في أي دولة من دول العالم العربي، سواء أكانت رئاسية أم برلمانية أم بلدية أم محلية، ولو على صعيد انتخاب هيئة إدارية لجمعية خيرية، فإن السمة الغالبة لهذه الانتخابات تدنٍّ في نسبة المشاركة، ارجعوا إلى أرشيف الأخبار.. تونس تدنٍّ في نسبة المشاركة.. مصر تدنٍّ في نسبة المشاركة.. الأردن تدنٍّ في نسبة المشاركة.. الجزائر تدنٍّ في نسبة المشاركة.. العراق تدنٍّ نسبة المشاركة.. لا أحد يرغب في أن يشارك في التغيير، لأن لا تغيير.. تخيلوا أنه في لبنان تعقد أكثر من ثلاثين جلسة لاختيار رئيس جمهورية ثم تفضّ بسبب تدني نسبة الحضور من أعضاء البرلمان، المنتخبين أصلاً من الشعب ليديروا البلد نيابة عنهم.. تخيّلوا أن بلداً بلا رئيس منذ سنتين وأكثر، هذا وربما تستمر هذه الحالة إلى الأبد دونما مشكلة عند الفرقاء السياسيين، ما يدل على أهمية الرئيس.. في دولة من الرؤساء.
واحد من أسباب عطب «فيوز التغيير» وصرع جين التجديد، هو قوانين الانتخاب وطريقة إدارتها.. الانتخابات لا يترشح لها إلا من يكون محسوباً على القلم أو محسوباً على الورقة، ما يعني نجاح الوجوه نفسها، أو على الأقل أشخاص يتمتعون بالخاصية المعدنية نفسها، من حيث القابلية للسحب والطرق والتشكيل كيفما تشاء السلطات الحاكمة، وكلما تكررت القصة بانتخابات «مهندسة» لأحزاب معينة أو لأشخاص محددين انطفأ «فيوز» التغيير عند الإنسان العربي إلى أن يحترق تماماً، حتى يصل إلى مرحلة لا تكون لديه رغبة في تغيير حلاقه الخاص، أو نوع المحارم الورقية التي يستخدمها من مبدأ «الوجه اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه».
باختصار الانتخابات العربية صارت تشبه إلى حد كبير «الأفلام العربية»، اسمها وتاريخ بثها على مسارح السياسة يختلفان لكن المحتوى واحد.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .