لا تأخذ نصيحة من شخصٍ فاشل!

كعادته دائماً، سيفاً قاطعاً وصارماً في الحق، وبلسماً شافياً في رفع معنويات وتقدير وشكر مَنْ يستحق الشكر، صريحاً لأبعد حدود الصراحة، ووقوراً لأبعد حدود الوقار، تكسب قلبه ومحبته بفعلك وإخلاصك للوطن والمجتمع، ولا مكان عنده لمن يمسّ اسم الإمارات بكلمة أو بحرف.

كلماته غالباً تدخل القلوب مباشرة، لكنها قبل ذلك تخاطب العقل، ليس لكونه نائباً لرئيس الوزراء، وليس لأنه وزير الداخلية، بل لأنه يعرف ما يريد، ويعرف تماماً ما يقول، وكيف يضع الكلمة المناسبة في المكان المناسب تماماً.

• لا حاجة لنا نحن في الإمارات إلى كثير من التنظير والفلسفة السياسية، فهي لا تناسبنا، ولا تعنينا، ولا مكان لها في قلوب المواطنين قبل فكرهم.

سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وضع، أمس، كثيراً من النقاط على حروفها الحقيقية، وقال: «جميعنا يحب الربيع، وجميعنا يعرف ماذا يعني فصل الربيع، ونحن في الإمارات نعيش الربيع منذ عام 1971، والربيع الذي نعرفه ونحبه هو ربيع الراحة والطمأنينة والأمن، وليس فصل قتل ودم وتفجير كما حاول البعض الترويج له، فأصحاب الأجندات والفكر المنغلق الذين يبحثون فقط عن التفجير والقتل لن يخدعونا أبداً».

لن يخدعنا أحد بعد ما شاهدناه من دمار وقتل، ولا حاجة لنا نحن في الإمارات إلى كثير من التنظير والفلسفة السياسية، فهي لا تناسبنا، ولا تعنينا، ولا مكان لها في قلوب المواطنين قبل فكرهم، فالإماراتيون يعرفون من هم قادتهم، ويعرفون ماذا يحمل كل قائد من حكام الإمارات في فكره وفي قلبه لأهله وأبنائه، لا نحتاج كثيراً من النصائح ممن لا يعرفوننا جيداً، وممن لا يملكون تاريخاً ناجحاً يؤهلهم لتقديم النصائح، ففاقد الشيء لا يعطيه، وما يملكه شعب الإمارات من تناغم وتلاحم ومحبة وولاء لقادته شيء نادر التكرار في أماكن أخرى من العالم.

الطبيب الناجح هو فقط من يستفيد الناس من خبرته، أما الطبيب الفاشل الذي عجز وفشل في كل مهامه، فإنه لا يملك المؤهلات التي تجعله يقدم نصائح إلى غيره، خصوصاً إن كانوا أمهر وأنجح منه، كما لا يمكن لدكتور فاشل أن يتحول إلى مهندس نووي ناجح، فالفشل لا يصنع إلا الفشل، والفشل يُحتم عليك الصمت، ويفقدك صدقية التحول إلى مُنظّر وناصح!

وهكذا سياستنا في الإمارات، نستفيد من تجارب الآخرين الناجحة، ونأخذ برأي المختصين الناجحين في عملهم واختصاصهم، فنحن هنا نُتقن فن الاستفادة من النجاح، لنضيف إليه نجاحاً آخر، أما الفاشلون في إدارة شؤونهم الصغيرة، فمن الغباء حقاً أن ينصحوا من يحقق قفزات وإنجازات كبيرة!

سمو الشيخ سيف بن زايد، في كلمته التي ألقاها أمس في افتتاح فعاليات الدورة الثالثة من منتدى الإعلام الإماراتي، أوصل لنا هذه الرسالة، فقال: «إننا نقدر الإبداع، ونحتفي بالمبدع والمبدعين، ونمارس نقد الذات، ونعمل على التصويب المستمر، ونتعلم الدروس كل يوم، سواء من الخطأ أو من الصواب، ولكن لا ننتظر من طبيب فاشل أي نصح أو دواء، ولا نحتاج من أي سياسي فاشل أن يعلمنا مفاهيم عسكرية».

ونحن كإعلاميين، وعسكريين، وإداريين، ومسؤولين، ومواطنين، لابد أن نلتقط هذا الخيط لنجعله منهاجاً للعمل، فنستفيد من كل الخبرات الناجحة، ونتعلم من كل شيء، ونبتعد عن تأثير المحبِّطين والحاقدين، ونتجاهل كل معادٍ للنجاح، لا نخجل من أخطائنا إذا أخطأنا، ولا نتوقف عن التعلم، شريطة أن نعرف جيداً الفرق بين الإنسان الناجح والفاشل، وبين الدولة الناجحة والأخرى الفاشلة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة