٥ دقائق
العقول الانبطاحية!
توجد لدينا عقول لو فتحتها فستجد أن ما في داخلها يحتمل أي شيء إلا الفكر السليم، ولا أستبعد أنه لو تم تحليل مكونات تلك العقول لوجدت غير صالحة حتى لإعادة التدوير، وهذا بالطبع غير مستغرب، فكل ما في داخلها هراء في هراء!
• في كل عمل إرهابي لابد أن يخرج أحد المحسوبين على الإسلام ليقدم اعتذاره عن الأفعال الشنيعة للخوارج وأصحاب الفكر الضال. |
لا بأس عندما تكون هذه العقول منشغلة بترهاتها وأفكارها، إنما الموضوع مختلف عندما تتحدث باسم الأمة الإسلامية، تُنصّب نفسها المكلفة مناقشة قضاياها، ترتدي ثوباً لا يناسبها، مع أنها في الواقع مجرد رويبضة.
لقد كانت أحداث الأيام الأخيرة في باريس مؤلمة للنفس البشرية التي تقدّر الروح الإنسانية، تعاطفنا وتألمنا، وقلنا الكثير والكثير في رفض كل أشكال العنف ضد الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجودوا في المكان الذي قرر فيه الإرهابيون تنفيذ عملياتهم الإجرامية.
إنما هناك مشكلة مَرضية لدى بعض المسلمين، فمع كل مصيبة وأي عمل إرهابي يبادرون إلى تقديم الاعتذار تلو الآخر، يمارسون إدانة المسلمين، حتى لو لم تعلن الجهات المختصة مرتكبيها، يجعلون من المسلمين مجرمين قبل أن تعلن أي جهة مسؤوليتها، وما هذه الاعتذارات إلا دليل إدانة على أننا تربينا على تلك الأفكار الدموية الحمقاء.
وهناك من شذ في فكره فجعل النقاب سبباً فيما حدث، مثقف وباحث كتب في «تويتر»: لو كنت رئيس فرنسا لقمت بخلع النقاب بلا مجاملة، لأنه صار وسيلة حامية لـ«الدواعش»، ورد عليه آخر: إن لم تفعل ذلك الحكومة الفرنسية فستكون شريكة في الجريمة، الغريب أن هذه الأشكال تغابت ونسيت أن النقاب ممنوع في فرنسا منذ فترة، تركوا كل المصائب ليجعلوا من النقاب السبب الرئيس في العمليات الإرهابية! أما الأتفه منهم فقد قال: الإسلام يحرّض على الكراهية، لأنه يحرِّم عيد الحب!
لقد تحدثنا مراراً وتكراراً، وبُحّت أصوات علماء الدين، الذين صرّحوا عشرات ومئات المرات بأن «داعش» و«القاعدة» والتنظيمات الإرهابية لا تمثل الإسلام، واتفق الجميع على أنهم خوارج، يحملون أفكاراً متطرفة لا تقبلها أي ملة، ومع ذلك ففي كل عمل إرهابي لابد أن يخرج أحد المحسوبين على الإسلام ليقدم اعتذاره عن الأفعال الشنيعة للخوارج وأصحاب الفكر الضال.
نتعاطف ونشجب ونستنكر، نحارب الأفكار والفتاوى الشاذة، نتضامن ونقف صفاً واحداً ضد الإرهاب، بغض النظر عمن ارتكبه، أما أن نعتذر عن فعلٍ لم نقم به ولم نسهم فيه، فالعذر منكم، هذا يسمى ذلاً وهواناً وانبطاحاً!
Emarat55@hotmail.com
Twitter: @almzoohi
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .