الشتيمة بدولار
إعادة التدوير لا تعني فقط أن يتم جمع الحديد والبلاستيك المستعمل، وإعادة بيعه ليتم صهره وإنتاجه من جديد، وإنما إعادة استخدام الشيء في مكان آخر مع بعض التحسين، مثلاً لدي هواية جمع علب الصفيح بمختلف الأحجام والألوان، واستخدامها عبوات للورد ونبات الزينة، ووضعها على مداخل الدرج، وكانت لدي هواية قديمة زمن الطفولة، هي البحث عن الأحذية الرياضية المستعملة لـ«قص» لسان الحذاء المستعمل، واستخدامه في صنع «نقّيفة» لصيد العصافير، والبحث عن أي «طشت» مكسور لاستخدامه في التزلق من فوق التلة القريبة من بيتنا، على طريقة الأخ الفاضل «طمطم».. وغيرها الكثير.
**
«سوزان كارلاند» باحثة أسترالية مسلمة، زوجة لمذيع برامج حوارية في التلفزيون الأسترالي، يدعى وليد علي، هي الأخرى قررت استخدام إعادة التدوير، لكن هذه المرة إعادة تدوير الكراهية إلى خير ومحبة.. قررت سوزان إعادة تدوير الإساءة التي تتلقاها على صفحتها على «تويتر» و«فيس بوك»، من خلال تبرعها بدولار أسترالي واحد عن كل شتيمة تصلها لصالح الجميعات الخيرية، جاءتها هذه الفكرة بعد أن اكتشفت أنها تتلقى رسائل وتغريدات من حسابات مجهولة، تهاجمها على طريقة لبساها واعتناقها الإسلام، متهمين إياها بأنها تحب القمع والقتل والحرب والتمييز، فبدل أن تدخل في نقاش لا ينتهي، وبدل أن ترد الاتهام باتهام، والشتيمة بشتيمة، حيث لن يستفيد أحد.. صارت تعد الشتائم التي تصلها على «الإنبوكس» وتحولها إلى دولارات لصالح أشخاص محتاجين.
كم هو جميل وراقٍ هذا التصرّف! لكنني لا أستطيع تقليده، فلو عرف البعض نيتي في التبرّع لأسرف في الشتيمة، لا حبّاً في عمل الخير الذاهب إلى الجمعية، وإنما لمضاعفة خسارتي المالية بالإضافة إلى الشتيمة.. وأنتم أعرف مني بالقلوب الرحيمة في بلادنا!
لكن لدي فكرة قريبة من فكرة السيدة سوزان، هي بدل أن نغرق «إسرائيل» بالشتائم على «تويتر» و«فيس بوك» و«تلغرام»، بينما الشعب الفلسطيني مرابط ويقاوم هناك، نستطيع أن نقدّم تخفيضات موسمية، ففي زمن الانتفاضات ــ عزيزي المعلق ــ تستطيع أن تتبرع بعد كل عشر تغريدات تأييد للمقاومة بدولار مقابلها، وفي حالة الهدوء النسبي في الأرض المحتلة كل «بوست» تأييد بدولار.
الخلاصة: كلام التأييد أو الإدانة لن يغيّر ما يجري على الأرض!
حاول أن تقتصد في الكلام، وأن تسرف في الفعل.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .