مزاح.. ورماح
ركلات سياسية!
بقينا نتدرّب أكثر من أسبوعين على إلقاء نشيد مدرسي، بعنوان «أنا يا قوم مسلم» لنلقيها أثناء النشاط المدرسي، وطلب منّا معلم التربية الإسلامية ومدير النشاط الديني أن نأتي جميعاً بثياب وطواقٍ بيضاء أيضاً لتتناسب الهيئة مع النشيد، ولا أدري لِمَ هذا الإصرار كله؟ فلو أتيت بالزي المدرسي أو ارتديت «الجينز» هل سأصبح «أنا يا قوم غير مسلمٍ».. المهم يوم الاحتفال لبست «الدشداشة» البيضاء الشفافة فوق بدلة الرياضة، وبقي الرقم 7 يظهر من تحتها وركّزت الطاقية البيضاء الواسعة بين أذني ووقفت أمام السماعة مباشرة، وكان خلفي ثلّة من الأولاد يرتدون ملابس متباينة بالطول والجودة والقدم. أنشدنا المقطع الأول من «أنا يا قوم مسلم»، ثم تعطّلت السماعة فأكملناها بكل ما أوتينا من قوة، حتى نفرت عروق رقابنا واحمرّت أوداجنا وشارفنا على الاختناق. كان مدير التربية آنذاك ملهياً بأكل «المعجنات» وتذوق «مربى التوت»، فلا هو سمعنا ولا من رافقه اكترث بوقوفنا، وعندما انتقلنا إلى الفقرة الثانية من النشيد الذي يتحدث عن «الوضوء والصلاة على وقتها»، أمسكني المشرف الديني من كتفي، وقال لي: خلص بيكفي.. فوتوا.. خلعنا «عدّة النشيد الطاقية والثوب»، وتماهينا مع بقية طلاب المدرسة في الساحة.
تذكرت هذا الموقف عندما قرأت خبراً، قبل يومين، عن زعيم طالب بوقف مباراة كرة قدم كان يرعاها في الدقيقة 65، وأمر بإجراء ركلات ترجيحية لضيق وقته وارتباطه ببرنامج آخر.. فصفّر الحكم.. وطلب من الفريقين اللجوء إلى الركلات الترجيحية، هكذا فجأة، لتحديد الفريق الفائز.
يملّ الزعيم فينهي مباراة كرة قدم.. يمل الزعيم فيلغي عرضاً مسرحياً.. يمل الزعيم فيقطع «أوبريت» أعدّ خصيصاً لمناسبة وطنية.. في بلادنا العربية يتدخّل الزعيم في كل شيء، وتطول سلطته كل شيء، حتى مباراة ودية في عيد الاستقلال، فيخطف الصفّارة من فم الحكم، ويمارس الحكم العسكري في الملعب.
يملّ الزعيم فيحل البرلمان ويجري انتخابات مبكرة.. يمل الزعيم فيحل الحكومة ويعيد تشكيلها من جديد.. يمل الزعيم فيحل المجلس الاقتصادي ويعيد تشكيله.. يملّ الزعيم فيحل الأحزاب المرخصة ويعيد تسجيلها من جديد.. في الوطن العربي يمل الزعيم فيجري ركلات سياسية مبكرة هنا وضربات جزاء هناك.. ويحدد نتيجة انتخابه قبل ترشّحه، فيفوز بـ 99.9% من الوقت الأصلي في حكمه.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .