عالم بلا «دواعش»

شعرت بالغصة والألم عندما قرأت خبر الحكم غيابياً على مواطن إماراتي بتهمة الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي، لا أعترض على الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا، إنما أعبّر عن حزني الشديد لما وصل إليه الشباب الذين انضموا إلى تنظيمات إرهابية، تمارس أشنع أنواع القتل التي اعتقدنا أن الزمن قد طواها منذ أمد طويل.

حقيقةً أستغرب من شاب يعيش في رفاهية يترك كل ما يملك ليلتحق بهذا التنظيم الذي يطبق قوانين الجاهلية في هذا الزمان، ومن شاب منحرف مع مرتبة الضياع قد أصبح من القادة البارزين في «داعش»، وحالات أخرى كثيرة لنساء ورجال نندهش ونضرب كفاً بكف عندما نقرأ حكايات وطرق انضمامهم إلى التنظيمات الإرهابية.

• الإرهاب ليس وليد اليوم ولا الأمس، إنه نتاج عوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية وأخرى نفسية مرتبطة بالشخص نفسه.

ليس كل من التحق بالتنظيم مؤمناً به، فهناك الشباب الذين ليس لديهم أدنى هدف في الحياة، قد خسروا كل شيء، فوجدوا غايتهم في مغامرة جديدة لا تختلف عن مغامرات الألعاب الإلكترونية، كما توجد نوعية ترى في التنظيم فرصة للزواج بالسبايا، وكل واحد منهم يُمني النفس بامتلاك الجواري اللواتي يخدمنه ليل نهار، وهناك نوع ثالث يُعتبر الأهم والأكثر تأثيراً، وهو النوع المؤمن تماماً بالتنظيم وأهدافه، وكونه يعيش ويمارس ويطبق الشريعة الإسلامية الحقيقية التي تسعى لرفع راية التوحيد ومحاربة الكفار وأعداء الدين.

الإرهاب ليس وليد اليوم ولا الأمس، إنه نتاج عوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية وأخرى نفسية مرتبطة بالشخص نفسه، إنما الملاحظ في التنظيمات الدينية عزفها على وتر الدولة الكافرة، التي تحارب الإسلام، وتلغي كل ما له صلة بالدين، فتعتبر المجتمعات كافرة يجب تطهيرها من هذا الكفر، وتسعى بذلك لتأسيس دولة إسلامية تسمى دولة الخلافة.

إحدى المعضلات الرئيسة التي نعانيها تتمثل في أسلوب المعالجة، فمحاربة الفكر تكون بالفكر نفسه، والعالم العربي والإسلامي يفتقر إلى الجهات والمنظمات التي تواكب العصر في توعية الشباب ومحاربة الأفكار الظلامية، لقد ولّى زمن التأثير عن طريق خُطب المساجد ومحاضرات الكاسيت، نحتاج إلى شخصيات قادرة على التأثير وإحداث التغيير، لن يستمع الشباب إلى من يتحدث بطريقة الترهيب والتخويف، فشباب اليوم يحتاجون إلى من يخاطب عقولهم وعواطفهم بالحجة والعقل والمنطق، كذلك الإعلام المرئي يفتقر إلى الإبداع والابتكار، متجاهلين أن الصوت والصورة لديهما القدرة على إحداث التغيير الإيجابي في تفكير الشباب.

الإرهاب ليس قضية فرد ولا مجتمع، إنه بلاء يهدد البشرية، فلنواجهه جميعاً لنعيش في عالم أفضل.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة