مزاح.. ورماح

«فقلتُ طيراً.. يذكرني بأقوام كرام»

عبدالله الشويخ

«آسف لم أرد على اتصالك.. ذهبت إلى لوندون في آخر الأسبوع للتغيير».. هكذا إذن يا صديقي؟ أصبحت تذهب إلى لندن في نهاية الأسبوع لمجرد شعورك بالملل؟! رحم الله تلك الأيام التي كنت تتصل بي «مسد كول» لتخبرني بأن السيارة قد «خونت فيك» في الصناعية الرابعة، وتطلب مني أن أقوم بتعبئة غالونين من البترول وآتي إليك!

بالطبع يأكل الحسد قلبي، خصوصاً مع الطريقة التي يلفظ بها «لوندون» على طريقة المذيعة ليلى الشيخلي.. خصوصاً والسؤال الذي يسدح نفسه: طالما أنك تذهب إلى لندن لتناول فنجان شاي فلماذا تخشى تشغيل «الرومينغ» والرد علي؟! متناقض أنت أكثر من لورد أوروبي يُنظّر في قضايا الإرهاب.. ينهش الحسد قطعة أخرى من قلبي الأبيض فأحاول التأكد من المعلومة عبر النافذة التي فتحت لنا بيوت الناس وأعراضهم «سناب تشات».. وهنا يلوك الحسد آخر قطعة من قلبي الملائكي وأنا أراه يلوّح بتذكرة تظهر بوضوح أنه مسافر على درجات «السابقون السابقون».. لو كنت أعرف أن الحال ستنتهي هكذا لعبأت الغالونين بالديزل الرخيص أو ببقايا بشرية عالية تركيز اليوريا.. لقطة أخرى له وهو يطعم حماماً يثق بمن يأتيه في ميدان «الطرف الأغر» في العاصمة البريطانية..

جميلة هذه الميادين! تنتشر في عواصم ومدن سياحية عدة حول العالم مع هذا الطائر الذي يحمل حتماً قلباً أبيض مثلي وكان بفطرة البشر رمزاً للسلام وهارباً من أي دولة تفتقده.. في لندن وفي روما وفي النمسا وفي البوسنة ترى الطقوس ذاتها.. الطفل السعيد بجواره عدد من باعة الحبوب بأسعار رمزية.. تشتري هذه الحبوب فيأتي الحمام بعقد غير مكتوب بينكما.. يقف يتناول الحبوب من يديك.. من على رأسك.. يعطيك تلك الدغدغه الجميلة.. وأنت تكافئه بحبوب تجعله يعيش «بطاناً».

أجتر ذاكرتي التي زارت 20 دولة عربية فلا أتذكر ميداناً واحداً لا يخاف الحمام فيه، ويمكنك وضع الحبوب في يديك ليأتي إليك! حمامنا مذعور دائماً.. يتوقع دائماً رفسة أو لطمة لأن مزاج «صاحب الحبوب» متعكر.. حمامنا خائف دائماً من مصيبة قادمة؛ يخاف البقاء في مكانه ولكنه لا يجرؤ على الذهاب بعيداً حتى لو أنهى يومه «خماصاً».. سأؤمن بأننا نتغير فقط.. وفقط إذا رأيت ميادينا يُطعم الناس فيها الحمام وهو آمن وسعيد بين أيديهم..

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر