تحديات الصحافة

مايكل غولدن نائب الرئيس في شركة «نيويورك تايمز»، مازال يحمل كثيراً من التفاؤل نحو الصحف الورقية، فهو يرى أنها ستستمر جيلين مقبلين قبل أن تختفي نهائياً من كوكب الأرض، لكنه لا ينفي أبداً في الوقت نفسه تسارع وتيرة ثورة التقنية التي أثرت وستظل تؤثر في الصحافة الورقية، في حين أن تأثيرها في الصحافة نفسها معدوم، إذ تتكيف الصحافة مع «الديجتال» بشكل سريع أيضاً.

• هناك اختلافات جوهرية بين صحف العالم تعتمد على طبيعة وخصوصية كل دولة، لكن هناك تحديات مشتركة تواجهها صحف العالم قاطبة، أهمها تسارع التقنية بشكل مخيف غير مألوف.

ووفقاً لمايكل غولدن، الذي تحدث أمس في مؤتمر «وان إفرا» المنعقد في دبي، ويعد أكبر مؤتمر لقطاع النشر في العالم، فإن «نيويورك تايمز» تخوض تجربة متميزة، وهي جديرة بالاهتمام، فلقد أخضعت نسختها الإلكترونية للاشتراك المدفوع، ولا شيء يمكن تقديمه مجاناً، وحققت إلى اليوم مليوناً ومائة ألف اشتراك، يدفع كل مشترك 300 دولار سنوياً، ونظير ذلك فهي تقدم وجبات فكرية مختلفة تماماً عما تقدمه الصحيفة الورقية، وبذلك فقد ضربت عصفورين بحجر، وقدمت لكل شريحة في المجتمع ما تريده وما تألفه سواء في الورق أو العالم الرقمي.

بالتأكيد هناك اختلافات جوهرية بين صحف العالم تعتمد على طبيعة وخصوصية كل دولة، لكن هناك تحديات مشتركة تواجهها صحف العالم قاطبة، أهمها تسارع التقنية بشكل مخيف غير مألوف، ولذلك فإن الأمر متروك لكل صحيفة، ومن يستطع مواكبة التطور التقني والاجتماعي فهو فقط من سيستطيع الاستمرار على قيد الحياة، بغض النظر عن العشرين عاماً التي وضعها غولدن كعمر افتراضي لبقاء الصحف الورقية حية.

في الإمارات، الوضع مختلف تماماً عن الولايات المتحدة الأميركية، فعدد السكان ومعدل الأعمار والبنية الإلكترونية المتطورة، تزيد من تحديات الصحف، لكن ذلك يشكل أيضاً فرصة للصحافة كي تستعد بشكل كامل لاقتناص الفرصة ورسم المستقبل الآن من خلال التوجه الإلكتروني والذكي، ووضع الأسس التي تمكّن الصحافة الإماراتية من السير بخطى حثيثة واسعة نحو المستقبل دون خوف أو تردد.

عموماً التقنية فرضت تحدياً آخر خطيراً، يتعلق بمضمون الرسالة الإعلامية، فقد كانت الكلمة في غياب التقنية هي محور القصة الإخبارية وفحواها، ومحلّ عناية المنصات الإعلامية، لكنّ الصورة والمؤثرات البصرية جعلتاها تتراجع عن مكانتها، وهذا التحدي يجعلنا في مواجهة أسئلة كبرى تتعلق بالمصداقية والموضوعية ومعايير التوازن عند طرح الرسالة الإعلامية.

لقد عشنا في هذه المنطقة من العالم أحداثاً كبرى خلال السنوات الخمس الماضية، دفعت الشعوب تكلفة باهظة لانخراطها في تلك الأحداث، والتي كان من بين ضحاياها أيضاً: المصداقية الإعلامية، فهذه المصداقية تعرضت وتتعرَّض لاختبارات عسيرة، حيث سخّر البعض التكنولوجيا المتسارعة لتزييف وتشويه الحقائق على نحو متعمد خدمة لأجندات خاصة، لذلك فالصحافة والإعلام إزاء تحدٍّ يدفع إلى تحقيق التوازن في المادة الإعلامية، ويجعل من التكنولوجيا أداة بناء لصالح هذه المادة، لتكون رسالة متوازنة ونابضة بالحركة، ممتلئة بالحيوية تفسح المجال للجدل والنقاش، لكن في بيئات صحية ونظيفة.

 twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة