«من أجلك يا سارة..!!»

حتى لحظة كتابة هذه المقالة لايزال خاطف الطائرة المصرية يتفاوض مع الجهات المعنية، من أجل حل مشكلته العاطفية رافعاً شعار: «من أجلك يا سارة.. هاخطف الطيارة».. أعتقد أنك ربما لحظة قراءتك للصحيفة.. ستكون الأزمة قد انتهت.. إما بعودة سارة إلى طليقها، الذي أقدم على هذه الخطوة الحمقاء، ليقضيا ما تبقى من عمر في زيارات خاطفة، تحت نظام الخلوة الشرعية، الذي تهيئه سجون قبرص للخاطفين.. أو ربما ستنظر سارة بعين العقل التي تقول إنه إذا كان قد اختطف طائرة بركابها وأطفالها وطاقمها، أو بالتعبير العربي الغريب «بقضها وقضيضها» لجذب انتباهها إلى حبه.. فما الذي يمكن ان يفعله، لو أنه قرر ذات يوم جذب انتباه العالم، لأنه يحب «اللعبة الحلوة» على سبيل المثال..! سيناريو مرعب آخر..!

على أنني وبكل صراحة لا أستطيع إخفاء تعاطفي مع الخاطف!.. الحب وما أدراك ما الحب!.. أن تكون بعيدة عنك! ذلك الجنون الشرقي حينما تفكر في أنها ربما تتناول الطعام مع غيرك.. تلك الثقة المهزوزة التي تجعلك تراقب كل ما تفعله في عالميها الحقيقي والافتراضي!.. تلك الحسرات كلما رن هاتفك.. وتنظر إلى الشاشة لترى اسم «حسون مطابخ» بدلاً من اسمها.. تحاول أن تخادع القدر.. فتضع لها رنة خاصة.. لا تسمعها أبداً..!

.. هل لنا ذنب في الطبيعة التي خلقنا عليها؟!.. نحن متطرفون في كل شيء!.. متطرفون حينما نؤمن.. ومتطرفون حينما نخاصم.. ومتطرفون حينما نبدع.. وبالطبع متطرفون حينما نعشق! «جلجل فديتك إننا عربٌ... وإننا منك إن شاؤوا وإن كتموا».. لماذا نرى مختطف الطائرة مجنوناً، في الوقت نفسه الذي نردد فيه صباح مساء قصائد قيس، الذي فضح «بنت الفريج» وشهر بأمها وأبيها.. لماذا نعتبر الخاطف مجنوناً، بينما نرى في «عنترة» فارساً عبسياً، رغم أنه كان يقبل سيوف الأعادي، لأنها تشبه ابتسامة حبيبته..!

هو الحب!.. جنون نرضعه مع قصصنا وتراثنا وأحلامنا.. فإذا تشجع أحدنا، ووضع قصته على طبق من ورد في أحد مدارج جزيرة متوسطية اتهموه بالجنون.. هؤلاء لم يجربوا قرصة الحب.. ولا قهر الرجال.. ولم يفكروا في قول البوشناقي: خذوا عيني شوفوا بيها!.. تماماً كما تظلم من رضع الكراهية من المصادر ذاتها، ولما طبقها أقاموا عليه الحد!

ورد في الأثر أنهن «يذهبن بلب الحليم».. ما اقترفه خاطف الطائرة لا يرقى إلى ما اقترفه من ترك ماله وعياله وأسرته ليتفرغ لمراهقة متأخرة.. ولا يرقى إلى قيام أحدهم بتسجيل ثروة أسرة كبيرة، عملت لثلاثة أجيال على تأسيسها، لكي ينال رضا أخرى.. ولا يرقى لمن اختفى من المجتمع منذ أكثر من 30 عاماً، لكي يعيش في بلاد نائية مع من أحب.. ولا لمن خان الأمانة وباع وطنه من أجل رضا امرأة يحبها.. الأمر مجرد تغيير مسار.. سيقوم الطيار بتعشيق الجير على الريوس والعودة.. وتنتهي القصة وتضاف قصة جديدة إلى جنون العرب حينما يعشقون!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

الأكثر مشاركة