أبواب
الاصطفاف الخاطئ
لا جدوى من استعراض مائدتك الممتلئة بالدجاج المحشي والمقلي، ولحم الضأن المشّفى، والأكل بنهم وشهية - على طريقة صلاح السعدني في المسلسلات الصعيدية - إذا كان من تحاول الاستعراض أمامه بالأصل «نباتي» الغذاء والاهتمام.
أسطول السيارات الفارهة لم يشفع لها ثمنها الذي يقدّر بمليون ونصف المليون دولار، فقد حررت بحقها مخالفات مرورية مضاعفة من شرطة لندن بسبب اصطفافها في المكان الخاطئ وتجاوز المدة المسموح بها للوقوف.. وللأمانة هذه ليست المرة الأولى التي يدفع فيها العربي غرامة نتيجة «اصطفافه الخاطئ» بدءاً من موقف السيارة وانتهاء بالسياسة. |
الفكرة متشابهة تماماً.. بعض العرب عندما يقرر أن يقضي إجازته في عواصم أوروبا، ويحجز تذكرته على الـ«first class»، لا يفكر في الاستمتاع، وإنما في طرق لفت الانتباه، لا يفكر في البساطة بقدر ما يفكر في التكلّف.. المشكلة أن هذه الهالة المرسومة بالذهب وليزر «الثراء» لا تلفت أنظار تلك المجتمعات.. البروفيسور يحجز على الدرجة الاقتصادية في القطار، ويجلس قرب عامل المنجم، والسياسي يقف على موقف الحافلات العمومية ليذهب إلى دوامه، لا يهمّهم إن كنت تلبس بدلة ثمنها 5000 جنيه إسترليني أو 15 جنيهاً.. المهم من تكون أنت؟ لا يهمهم إن كنت ترتدي ساعة ثمنها 10 آلاف أو ثلاثة جنيهات، المهم أن تقدّر الوقت وتلتزم بالموعد، ولا يهمهم إن كان قلمك ثمنه 1000 جنيه أو نصف جنيه.. المهم أن يوصل الفكرة، فلماذا نصرّ على التباهي في موطن لا يعرف معنى التباهي؟
كل وسائل الإعلام البريطانية كتبت، الأسبوع الماضي، عن أسطول السيارات الذهبية ذات الأرقام العربية، التي غزت لندن (لومبرغيني، ومرسيدس G63 6X6، وبنتلي فلايينج سبور، ورولزرويس) جميعها مطلية بالذهب، وتقف تباعاً في ساحة «نايتس بريدج» في وسط لندن.. ويبدو أن الشقيق العربي «سبايدر مان» له من الأرجل ثمانٍ ليقود هذا المعرض المتحرّك من السيارات، أو أن الطبيب الخاص وصف له الـ«لومبرغيني» صباحاً، و«المرسيدس» قبل الغداء بنصف ساعة، و«الرولزرويس» «تخميس» قبل النوم مرتين في اليوم.. بعض المصورين كانوا يطاردون هذه السيارات ليصوروها لحاجة في نفس يعقوب؛ كتوثيق لمادة صحافية دسمة ستخرج في اليوم التالي تستهزئ منا كعرب ومن تفكيرنا المنحصر في التفاخر، ومن فائض الثراء الذي نستخدمه لإنتاج فقاعات الاندهاش.. أما المواطن البريطاني الذي غزوناه في معقله و«قهرناه»؛ فقد علق على منظر السيارات أمام الفندق قائلاً: «الأمر سخيف».
بقي أن أقول إن أسطول السيارات الفارهة لم يشفع لها ثمنها الذي يقدّر بمليون ونصف المليون دولار، فقد حررت بحقها مخالفات مرورية مضاعفة من قبل شرطة لندن، بسبب اصطفافها في المكان الخاطئ وتجاوز المدة المسموح بها للوقوف.
وللأمانة هذه ليست المرة الأولى التي يدفع فيها العربي غرامة نتيجة «اصطفافه الخاطئ» بدءاً من موقف السيارة وانتهاء بالسياسة.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .