5 دقائق

لنتَحَقّقْ أولاً

الدكتور علاء جراد

أدت حالة عدم الاستقرار في العديد من دول العالم إلى تغيير سلوكيات الأفراد وظهور أنماط جديدة من التصرفات السلبية، ويبدو أن الكثير من الضوابط قد غابت، وحتى إن وجدت فمن الصعب تطبيقها أو الالتزام بها، وقد أدى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدم بكل رعونة وعدم مسؤولية، بل وأحياناً يُساء استخدامها بصورة متعمدة، إلى تفاقم العديد من المشكلات، خصوصاً في بعض دول الوطن العربي. إن من أبرز المشكلات الاجتماعية حالياً قضية ترديد الشائعات ونشر الأخبار الكاذبة، وكذلك نشر كل ما يقع تحت أيدينا دون التأكد من دقة المعلومة أو حتى مصدرها، ويبدو أن تطبيقات بعينها صارت أهم قنوات نشر الأكاذيب والشائعات، لسهولة استخدامها وتوافرها في كل يد، ومن السهل جداً لأي شخص أن يرصد كمية الرسائل والأخبار التي تنتشر عبر هذه الوسائل، وأن يحكم على صدقيتها فقط بمعيار واحد، وهو المصدر وصدقيته، بأن يسأل سؤالين بسيطين، هل تم ذكر المصدر في الخبر أو المادة المنشورة؟ وهل ذلك المصدر هو مصدر رسمي أم غير رسمي؟ أعتقد لو سألنا هذين السؤالين مع كل مادة تمر علينا فسوف نكتشف أن غالبية تلك المواد محل شك.

• انطلاقاً من مبدأ المسؤولية أعتقد أن يبدأ الإنسان بنفسه فيتريث قبل إعادة نشر ما يصله، خصوصاً إذا لم يتم ذكر المصدر.

المشكلة الأكبر هي أن وسائل إعلام ومن يطلقون على أنفسهم «إعلاميين» قد يعيدون نشر هذه المواد المشكوك فيها ويسلطون الضوء عليها، بل ويتعاملون معها على أنها حقائق ثابتة مع عدم التفريق نهائياً بين «الرأي» والمعلومة أو «الحقيقة». لقد تلاشت المهنية لدى الكثير من العاملين بمهنة الإعلام، وأصبح همّهم تحقيق «انفراد» أو «خبطة صحافية»، وعلى الجانب الموازي انشغل عامة الناس بهواتفهم المحمولة وما تحمله من أخبار وشائعات قد تكون لها آثار سلبية يصعب علاجها، ويبدو أن علماء الاجتماع وعلم النفس لم يشغلوا أنفسهم بعمل دراسات حول هذا الموضوع، فمعظم الدراسات مازالت تأتينا من الخارج الذي تختلف مشكلاته وقيمه وأنماطه السلوكية عنا.

وانطلاقاً من مبدأ المسؤولية أعتقد أن يبدأ الإنسان بنفسه فيتريث قبل إعادة نشر ما يصله، خصوصاً إذا لم يتم ذكر المصدر، فعندما تصلنا معلومة أو خبر علينا أن نسأل عن المصدر، ولا مانع أن نطّلع على ذلك المصدر للتأكد، وقد جربت ذلك شخصياً ثلاث مرات خلال أسبوع واحد، وطلبت مصدر الخبر من المرسل، وعندما بحث عن المصدر لم يجده، وكان الخبر كله «مفبركاً». لنعيد النظر في تعاملنا مع شبكات التواصل وما تحمله، والأفضل من وجهة نظري، هو عدم إعطاء تلك الوسائل أكثر من 10 دقائق في اليوم.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر