كل يوم

لماذا كل هذا الاهتمام بالقراءة؟!

سامي الريامي

لماذا يوجّه رئيس دولة بإصدار قانون خاص للقراءة؟ ولماذا يخصِّص عاماً للقراءة، تسير فيه جميع الجهات باتجاه إطلاق مبادرات لتحفيز وتشجيع المجتمع على القراءة؟ ولماذا يصرّ على جعلها عادة ترافق المواطن طوال حياته؟ ولماذا يطلق رئيس وزراء سياسة وطنية للقراءة؟ ولماذا يعتمد إنشاء صندوق وطني برأسمال 100 مليون درهم لدعم أنشطة القراءة التطوعية؟

بالقراءة تنتشر المعرفة، وعندما تنتشر المعرفة، يعم السلام، وتسود المحبة، ويزيد العطاء والإنتاج والعمل.

ولماذا تضع حكومة خطة استراتيجية للقراءة لـ10 سنوات مقبلة؟ ولماذا تُخطط ست وزارات لتنفيذ ثلاث مبادرة وطنية لدعم القراءة في ستة قطاعات كبيرة؟ ولماذا يجلس خمسة وزراء دفعة واحدة في مؤتمر صحافي واحد، في صالون أدبي، على هامش معرض للكتاب لإطلاق السياسة الوطنية للقراءة لـ10 سنوات؟!

لماذا كل هذا الاهتمام المنقطع النظير، أليست القراءة هواية؟ أليست عادة شخصية يفعلها البعض ويتركها البعض، ولا حرج على من يتركها؟ هل هي مسؤولية الحكومة؟ ولماذا؟ وما دخل الحكومة في أفراد المجتمع، قرأوا أم لم يقرأوا؟

أسئلة كثيرة مشروعة يمكن طرحها في هذا الموضوع، لكن المؤتمر الصحافي الذي عقده خمسة وزراء في معرض أبوظبي للكتاب كان كفيلاً بتبيان الأمر وتوضيحه، وفيه كانت إجابات مفصلة عن هذه الأسئلة وغيرها، فمن يعتقد أن القراءة مجرد هواية شخصية، لا تأثير لها في مستوى المجتمع أو الدولة، فهو مخطئ تماماً.

القراءة هي الوسيلة الأفضل لبناء مجتمع وجيل إماراتي مثقف وواعٍ ومتمكن ومتسامح. بالقراءة نرتقي، ونحصن العقول ونحميها، وبالقراءة نبني مجتمعاً رائداً في التنمية، ومواكباً للمتغيرات، وبالقراءة نتقبل ونقترب من كل الثقافات، وبالقراءة تنتشر المعرفة، وعندما تنتشر المعرفة، يعمّ السلام، وتسود المحبة، ويزيد العطاء والإنتاج والعمل.

بالمعرفة تواكب الدولة عصر التطور والنهضة، وهذا تحديداً هو المقياس المستقبلي لقوة الدول وعظمة الشعوب، ليست المساحة ولا عدد السكان، وليست الأسلحة والجيوش هي التي ستحدد حجم الدول وتصنيفها في موازين القوة، بل مدى سرعة الدولة في مواكبة التطور وتنفيذه واقعاً، والتحول إلى مجتمع المعرفة والعلوم هو الذي سيجعل من أي دولةٍ عظيمةً، ولو كانت صغيرة المساحة.

قد لا يخطر على بال أحد أن للقراءة فوائد صحية مباشرة على الإنسان أيضاً، فمن يقرأ لمدة ست دقائق فإنه يخفّ من على كاهله التوتر والضغط بنسبة 60%، والقراءة تُقوي الذاكرة، وتُقلل من الإصابة بمرض الزهايمر بنسبة 30%، كما أنها سبب من أسباب السعادة والرضى، ولاشك أبداً في أن ذلك له أثر إيجابي مباشر في القطاع الصحي، وفي ذلك فائدة إضافية كبيرة.

القراءة تعني توسيع مدارك الفهم، وهي مفتاح الثقافة، وبالثقافة نقضي على كثير من أمراض العصر الفكرية، تلك الأمراض التي انتشرت بسبب قلة القراءة، وكبدتنا كعرب ومسلمين خسائر فادحة لا يمكن أبداً حصر أضرارها، لذا فلا سبيل لتحصين المجتمع، صغاره قبل كباره، من هذه الأمراض إلا بنشر المعرفة المفيدة من خلال القراءة المفيدة، تلك القراءة التي تشعرنا بالتفاؤل، وتجعلنا نفهم الآخر، وتُفشي المحبة والتسامح، ألا يستحق كل ذلك ما تفعله الإمارات قيادةً وحكومةً من أجل القراءة؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر