الرجل الذي يعرف كل شيء..!
• هل أحضرت البقدونس يا ابني؟
• أحضرت ما يكفيكم إلى يوم الدينونة يا أمي!
• ما أحضرته بالأمس كان الكرفس.. سأموت بحسرتي قبل أن تتعلم التمييز بينهما!
كثيراً ما تندرنا على ذاك العامل العربي الذي يعرف كل شيء، تتصل به من أجل إصلاح المكيف، فيفاجئك بحديثه أثناء قيامه بالتصليح، لتكتشف أنه لا يقوم بتصليح المكيفات فقط، بل يمكنه تصليح البوتوجاز «عمياني» والثلاجة كذلك.. تحاول إحراجه بأن تسأله عن خبرته في تصليح النوافذ، فيصدقكم بأنه كان يصلحها للملك أحمد فؤاد الثالث.. تخبره وأنت تعتقد أنك قد أحرجته بوضعه في الزاوية، بأنك تقصد نوافذ «ميكروسوفت»، فتكتشف أنه يملك خبرة فيها، وفي «النورتون» و«الأوفيس» أيضاً.. يعرض عليك تعليم أطفالك اللغة الفرنسية، أو بناء طابق ثانٍ في منزلك الشعبي.. تشكره فيسألك وأنت تودعه على باب المنزل إن كان أحد من جيرانك لديه مولود، ويريد خبيراً في «الختان»، لأنه يتقن الصنعة!
أنت تعلم أن المكيف لم يعمل في اليوم التالي، وحينما اتصلت به قال لك: اعمل له «شت داوِن» (بكسر الواو).. أطفئه ثم أعد تشغيله! وهي لعمري الوصفة السحرية لكل البدايات الجديدة!
بالنظر إلى عين الإنصاف، فليس من حقنا أبداً التندر على ذلك العامل، لأننا أصبحنا نطبق ما يفعله ولكن على «سكيل» أكبر.. في كل يوم أطالع أخباراً عن تولّي أحدهم منصباً أو مهمة جديدة! علماً بأنه عضو في مجلس إدارة جمعية نفع عام، وعضو يجب أن يكون فعالاً في أحد الأندية المهمة، وعضو يجب بتره في مؤسسة ثقافية، ومدير لأحد البنوك الكبرى، وله منصب رسمي في دستة من الوزارات، وله ثلاث زوجات، وسفير غير مقيم في جزيرة نائية! وكلٌّ من هذه الوظائف تحتاج بدورها إلى عمر كامل.. وإلى خبرة ليست قليلة في مجالها وحده.. من أين يأتون بكل هذا الوقت! لا أعرف! المشكلة أنك تراهم في كل فعالية اجتماعية، وكل عرس، ومجلس عزاء! ما يجعلك حقيقة تشك في أن الأميركان يخفون الكثير في حقيقة ما وصلت إليه نظريات الاستنساخ العلمية!
سيأكل الحسد قلبي إذا اكتشفت فوق ذلك كله أنهم «يلطمون» معاشاً مستقلاً عن كل مسمى وظيفي.. وسيحسون بآثار هذا الحسد فوراً، إذا كانت هناك مكافآت إضافية لديهم على «الأوفر تايم»!
تحولت أوراق الكزبرة إلى سوداء، لأني لم أجد وقتاً منذ أسبوع لاستبدالها بالبقدونس من البقالة التي توصف بالـ«باب التالي» كما يقول الأجانب..! بينما الرجل الذي يعرف كل شيء يبتسم، ويخرج في إجازة لثلاثة أشهر.. لأن في وقته بركة!
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .