نظام المساعدات الاجتماعية.. هل هو فعال؟

كثيرون اعتبروا الشعب السويسري مثالياً جداً في رفضه عرض الحكومة صرف راتب شهري للجميع، سواء كانوا يعملون أم لا، ولن نتناقش كثيراً في ذلك، لكن دعونا نبتعد قليلاً عن سويسرا، ونفتح النقاش حول شؤوننا نحن، حول ملف المساعدات الاجتماعية في الإمارات تحديداً، وهل هو نظام فعال أم لا؟ وكيف يمكن تطويره وتنمية المستحقين للمساعدات؟ والأهم من ذلك كله هو كيفية ضمان وصول المساعدات الاجتماعية لمستحقيها الحقيقيين، وقطع الطريق على دخول فئة اتكالية تستغل هذه المساعدة وتحصل عليها، إما دون وجه حق وإما استغلالاً للقانون؟!

بداية لابد من توضيح وتأكيد نقطة في غاية الأهمية هي أن حكومتنا ملتزمة بدعم ومساعدة محدودي الدخل من الفئات المستحقة للإعانة، ولا يمكن أبداً، وبأي حال من الأحوال، وتحت أي شكل أو مسمى، أن تقطع مساعداتها الاجتماعية عن هؤلاء المستحقين، ولأي سبب كان، هذا أمر لا جدال فيه إطلاقاً، فنحن نعرف تماماً أهداف حكومتنا، ونعرف تماماً من رئيسها، وما أولوياته، وخططه المبنية على مرتكزات رئيسة، قوامها سعادة المواطن وتوفير الحياة الكريمة له.

بعد هذا التأكيد، علينا أن نطرح سؤالاً مهماً، وهو هل جميع من يحصلون على المساعدات الاجتماعية هم فعلاً مستحقون لها؟

للأسف الشديد أن الإجابة حتماً ستكون لا، وهذا ما كشفته المسوحات والزيارات الميدانية التي قام بها المختصون، سواء في وزارة تنمية المجتمع أو هيئة تنمية المجتمع في دبي، هذه المسوحات كانت من أجل معرفة احتياجات المسنين والعائلات محدودة الدخل، لكنها كشفت عن وجود أطراف ثالثة بين المسنين وتلك الجهات، بعضهم مندوبون، وبعضهم وكلاء من أهل المسنين، هؤلاء يستلمون المساعدات نيابة عن المستحقين، لكنهم لا يوصلونها إليهم، بل تتحول إلى جيوبهم، وهذا ليس افتراء أو تهمة، بل حقيقة مؤكدة اكتشفها الموظفون الميدانيون، فأحد هؤلاء المندوبين لا يعرف مكان منزل المسن الذي يتسلم عنه المبلغ منذ 30 عاماً، وأحدهم يتسلم مبلغ المساعدة لمسن متوفى منذ سنوات من دون أن يبلغ عنه!

اكتشاف آخر مذهل، هو وجود حالات في الضمان الاجتماعي تمتلك مباني وعقارات ومنازل مؤجرة، تعود عليهم بدخل يغنيهم تماماً عن مبلغ المساعدة الاجتماعية، بل ويفيض، في حين أن هناك حالات تعاني ظروفاً صعبة ولا يكفيها المبلغ المستحق، فهل من المنطقي أن تستمر المساعدة لمن يمتلك عقارات ودخلاً ثابتاً يغنيه عن المساعدة، أم تتحول المساعدة لمن هو أكثر حاجة؟ المنطق يقول وقفها عمن لا يستحق، وتحويلها لمن يستحق!

لذلك لابد من وضع آليات لنظام المساعدات الاجتماعية لمنع التلاعب أولاً، ولضمان وصول المساعدات لمستحقيها الفعليين بشكل سهل وميسر ثانياً، ولمكافحة اتكالية البعض، خصوصاً من هم في سن العمل ثالثاً، وللحفاظ على أموال الدولة وتوجيهها لمن هم أكثر حاجة لها رابعاً، إضافة إلى إطلاق المبادرات الهادفة للوصول إلى المستحقين، وتنميتهم ومساعدتهم على تجاوز محنتهم وظروفهم الصعبة، وتقليل الفئات المستحقة للمساعدات من خلال مشروعات صغيرة ومتوسطة للمؤهلين، ودعم حكومي مباشر لهم، ووظائف للمستطيعين منهم في القطاع الخاص مع استمرارية الدعم لفترات مدروسة، وبالتأكيد استمرارية الدعم والمساعدة للفئات الأكثر حاجة، مثل المسنين والأرامل الكبيرات في السن، بل وإعادة تدوير مبالغ المساعدات وزيادة مبالغ الدعم لهم، شريطة النجاح في آليات تقليل الفئات المدعومة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة