أبواب

دجاجات «غيتس»

أحمد حسن الزعبي

غالباً ما يتردّد المثل «رأس المال يتكلم» كتعبير عن أن القوة المادية تفرض رأيها وحضورها في مجال ما، ولو لم يكن مجالها، فرأس المال يتكلم في السياسة، ويفرض رأيه في كثير من الأحيان، ورأس المال يتكلّم في الاقتصاد، الذي هو ملعبه في الأصل، ورأس المال يتكلّم في الرياضة، إذا ما دخل الاستثمار في قطاع الأندية، وإلى غير ذلك. لكن في بعض الأحيان تجد نفسك مجبراً على أن تقول «يا ليت رأس المال لم يتكلّم البتة»، لبقيت هيبته ومهابته وهالته مرسومة في أذهان المحبين والمتابعين.

لفتة جميلة ورائدة من الملياردير الأميركي تجاه فقراء إفريقيا، لكنها متواضعة إذا ما قورنت بثروته الهائلة واسمه الذي يلف الدنيا، والذي يلمع مليارات المرّات على شاشات المستخدمين في العالم.

الملياردير «بيل غيتس» يبدو أنه اختلط عليه في الفترة الأخيرة مفهوم «الجيجا» بــ«الجاجة»، وأعتقد أن النجاح في الاستثمار بقطاع التكنولوجيا و«الجيجات» قد ينطبق على أعمال الخير بقطاع «الجاجات»، فقد أطلق بيل غيتس، مؤسس ميكروسوفت، أخيراً برنامجاً للتبرع بالدجاج، لمساعدة فقراء دول إفريقيا الذين يعيشون في مجاعات دائمة وفقر مدقع، وقد تبرّع غيتس، مشكوراً، بـ100 ألف دجاجة حية، ومطعّمة ضد الأمراض الشائعة والسارية وغير السارية هناك، من خلال برنامج يدعم مداخيل مواطني تلك المناطق المعدمة، نظراً لإمكانية الاستثمار، وقلة التكلفة، وتغذية الأطفال.. وكتب على حسابه: «لو كنت أعيش في فقر مدقع لقمت بتربية الدجاج».

لفتة جميلة ورائدة من الملياردير الأميركي تجاه فقراء إفريقيا، لكنها متواضعة إذا ما قورنت بثروته الهائلة، واسمه الذي يلف الدنيا، والذي يلمع مليارات المرّات على شاشات المستخدمين في العالم، فـ100 ألف دجاجة تُقبل من متبرّع يملك مزرعة للدجاج البياض، وليس من مؤسس ميكروسوفت، ثم إن «دجاج المارينز» الذي سيتم إرساله إلى إفريقيا لا يعمل على الكهرباء، ولا يتم «شحنه» من خلال شاحن «usb»، فهذه كائنات حية، تريد أعلافاً لتعيش، ولو كان الإفريقي الذي يرزح تحت وطأة المجاعة قادراً على إطعام الدجاج لأطعم نفسه التي هي أولى من غيرها، ثم إن الذي يعيش في فقر مدقع وجفاف وجوع لن يجد الصبر الكافي حتى يرى الدجاجة في سن البلوغ، وينتظرها تبيض وتؤسس أسرة صالحة وهو يضع يده على خده، هو يريد أن «يأكلها» ويخلص. ثم إن الـ100 ألف دجاجة التي سترسلها إلى إفريقيا يا أخ «غيتس» جميعهن عزباوات، ولم تبعث ديكاً «محرماً» واحداً مع البعثة! فإذا أردت لمشروعك أن ينجح عليك أن ترسل مثل نصف العدد أو ربعه على الأقل، أي 25 ألف ديك متطوع للخدمة هناك، مع مصروف جيب لكل ديك ودجاجة، وتعهد مكتوب من كل عائلة إفريقية بألا تمسّ «الديك وعقيلته» بسوء إلا بعد سنتين من التكاثر! غير ذلك سترى عظام الـ100 ألف دجاجة خاصتك وهي «رميم» في الصحراء.. صدقني.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر