المدرسة المتعلمة

انتشرت أخيراً مفاهيم المؤسسة المتعلمة والتعلم المؤسسي، التي أصبحت متطلباً أساسياً في معايير ومواصفات الجودة والتميز، مثل النموذج الأوروبي، ومواصفات الآيزو، ومواصفة المستثمرين في القوى البشرية. ولا ينكر أحد أهمية التعلم في كل مناحي الحياة وفي جميع المؤسسات، كما لا ينكر أحد أهمية التعلم في المؤسسات التي تنتج التعلم، مثل الجامعات والمعاهد والمدارس. وقد بدأ مفهوم الجامعات المتعلمة يطرق باب البحث العلمي وأدبيات الإدارة، وأخيراً امتد المفهوم للمدارس، حيث تهتم الكثير من المنظمات الدولية، مثل اليونسكو، والبنك الدولي، بموضوع التعلم، وتخصص له ميزانيات ضخمة من منطلق أن التعلم يؤدي للابتكار والإبداع.

وقد أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، منذ يومين، نموذجاً في غاية الأهمية يشتمل على سبعة معايير كفيلة بتحويل المدارس إلى مؤسسات متعلمة، ليس هذا فقط، بل ستصدر المنظمة قريباً أداة للتقييم الذاتي يمكن استخدامها لمعرفة جاهزية المدرسة للتحول إلى مدرسة متعلمة، كما تضع المنظمة فريقاً متخصصاً من خبرائها لخدمة الدول التي ترغب في تطبيق ذلك النموذج. لقد باتت هناك وسائل وأدوات كثيرة للتطوير والتحسين، وتوجد الكثير من الجهات التي تقدم الدعم والمساعدة، ولكن العنصر الأهم والعامل الرئيس للنجاح هو الجدية والإصرار على النجاح، فالعالم يساعد من يساعد نفسه.

• الاهتمام بتطوير المدارس ومؤسسات التعليم لتصبح مؤسسات متعلمة لم يعد ترفاً.

أما معايير النموذج الأول من نوعه، والذي قد يحدث نقلة نوعية في جودة مخرجات المدارس، فهي، أولاً: تطوير ونشر رؤية مشتركة للمدرسة تتمحور حول تعلم جميع الطلاب دون استثناء، ثانياً: توفير فرص لجميع المدرسين والعاملين بالمدرسة تساعدهم على التعلم وتطوير الذات مع تقديم الدعم المستمر، ثالثاً: تشجيع وتعزيز التعلم التشاركي والحوار بين جميع العاملين، رابعاً: تأسيس ثقافة الاستكشاف والتجريب والإبداع، خامساً: استحداث نظام لجمع ونقل المعرفة والتعلم، سادساً: التعلم من البيئة المحيطة والأنظمة الأخرى، سابعاً: تنمية وتطوير القيادات التعليمية.

بالطبع، فإن مثل هذا النظام لا يعمل في الفراغ، لذلك اشتمل النموذج على عوامل مساعدة، أهمها إشراك ذوي العلاقة والأطراف المؤثرة في العملية التعلمية مثل المؤسسات الحكومية، وزارة التربية والتعليم، مؤسسات النفع العام، أولياء الأمور، مؤسسات التعليم العالي والفني، المدارس الأخرى، مجتمعات التعلم، وقطاع الأعمال. كما تمت الإشارة في النموذج إلى أهمية التكنولوجيا محركاً أساسياً لنجاح عمليات التعلم وكذلك التفكير الجماعي. إن الاهتمام بتطوير المدارس ومؤسسات التعليم لتصبح مؤسسات متعلمة لم يعد ترفاً، بل أصبح موضوع بقاء، أو لنقل موضوع حياة أو موت، وإذا نظرنا حولنا سنجد أن معظم مشكلات وطننا العربي يمكن حلها نهائياً إذا استطعنا تحسين مستوى التعليم والتعلم.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة