5 دقائق

خل عندك ذرّة عقل

خالد السويدي

صديقي (شهاب) ناشط على مدار الـ24 ساعة في برنامج «واتس أب»، لذا تعوّدنا في «القروب» الخاص بنا على أن يعيد إرسال الصور والتسجيلات والفتاوى، التي تصله من قبل أصدقائه الآخرين، إلينا فور خروجها من المصدر.

كما أنه يحرص على تذكيرنا بزكاة الفطر وكسوة العيد وصيام عرفة وصيام الأيام البيض، كذلك يلتزم بمواعيد الصلاة التي يرسلها لنا يومياً، ولو أنه في إحدى المرات قد أثار استغرابنا عندما أرسل مواقيت الصلاة حسب التوقيت المحلي لمدينة بانكوك، ثم اكتشفنا بعد ذلك أن الخطأ كان من صديقه الذي كان موجوداً في تايلاند.

مشكلته أنه لا يدقق في محتوى الرسائل التي تصله، حدث مرات عدة أن أرسل رسائل مملوءة بالتناقضات، وتدخل فيها كثير من الخزعبلات، مثل أرسِل هذه الرسالة وإن لم ترسلها ستحدث لك مصيبة، وغيرها من رسائل يتم دسّ السم بالعسل فيها، ظاهرياً تفوح منها عبارات النصح والإرشاد والتقرّب إلى الله، بينما في داخلها رسائل تدعو إلى أمور تخالف الدين، تحرّم وتحلل بغير ما أنزل الله.

 • صديقي شهاب واحد من مئات، بل ربّما آلاف، الأشخاص الذين يعيدون إرسال الرسائل التي تصلهم بغضّ النظر عن محتواها.

عندما ندخل في جدال في «القروب» على هذه الرسائل فإنه كثيراً ما يلتزم الصمت، لكن عندما ننتقده بحدةٍ ونقول له: «خل عندك ذرّة عقل»، فإنه يغضب باعتبار أن ناقل الكفر ليس بكافر، وإن كان هناك من خطأ فيجب أن نتغاضى عنه، باعتبار أن حسن النية متوافر لديه عند إعادة إرسال الرسالة.

قبل أيام أعاد (شهاب) إرسال فيديو يظهر فيه أحد دعاة الفتنة يشجع على الجهاد في سبيل الله دون حاجة إلى فتوى، ثم ظهرت في الفيديو نفسه فتيات فاتنات يمثلن دور الحور العين، الأمر الذي أغضب صديقنا الآخر (أبوالدرداء)، حيث اعتبر الفيديو يحمل سخرية غير مقبولة، وفتوى لا يمكن قبولها من دعاة الفتنة، ما استدعى طرد (شهاب) من «القروب» إلى غير رجعة.

صديقي (شهاب) واحد من مئات، بل ربما آلاف، الأشخاص الذين يعيدون إرسال الرسائل التي تصلهم بغضّ النظر عن محتواها، هذه الرسائل التي نعيد إرسالها بكل بساطة قد تحمل أفكاراً مدمرة ومسيئة في بعض الأحيان، فيتأثر بها البعض وتكون النتيجة كارثية، يقول المفكر الدكتور مصطفى محمود: «فلنقرأ كل ما يصل إلى أيدينا بحذر وبعقل ناقد، فما أكثر ما يدسّ لنا من سموم يُراد بها هلاكنا».

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر