مزاح.. ورماح
«فرحة منقوصة..!»
اعتدنا ألا نحصل على فرحة كاملة، هناك دائماً «خازوق» ما في كل فرحة يجعلها أكثر واقعية.. الفرح الكامل ليس من الأمور التي يمكن تحقيقها في هذه الحياة؛ ولهذا قبل الولادة ألم، وبعد الولادة مسؤولية، وأثناء الولادة «وحام».. ولهذا قبل الأمطار ارتباك.. وعند الأمطار بلل.. وبعد الأمطار فيضان.. ولهذا تردد العجائز بعد كل ضحكة من القلب: «اللهم اجعله خير».. الفرحة الكاملة لن تكون إلا في نهايات أفلام وقصص ساذجة، الفرحة الكاملة لن تكون إلا في حياة أخرى!
حتى حينما نتمنى السعادة للآخرين، ونرى أشكالاً متفرقة من فرحتهم، يبقى المشهد الأصعب هو تلك اللبنة، التي لو وضعت لكملت الفرحة، ولكن أحداً لا يضعها أبداً.. ما أصعب أن ترى محبين عاشقين كانت علاقتهما مثالية وتوجت بالاقتران، لكن لم يكتب لهما أن يرزقا بأبناء مثلاً!
ما أصعب أن ترى امرأة نموذجاً، نجحت في تحقيق إنجاز تفتخر به الأخريات على الصعيد المهني والإداري، لكنها فشلت في تكوين أسرة صغيرة!
ما أصعب أن ترى مدينة حلماً.. يؤمها العاشقون في كل ليل تهيئ لهم الحياة المثالية في كل شيء، وأسباب السعادة من كل طرف.. لكنك لا تجد فيها زاوية لتوقف سيارتك!
ما أصعب أن المجتمع لايزال يحوي شاباً مثقفاً رزيناً، جميل اللسان، مقبول الحديث، قوي الحجة، لطيف المعشر، واسع الاطلاع، ثم تجد أنه مجدفٌ آخر!
ما أصعب أن تحتضن طفلة جميلة ضاحكة ومبتسمة تلاعبها فتستجيب لك، تناغيها فتسمع ألحاناً ربانية سحرية، تودعها؛ فتتعلق بك، تبعدها لتكتشف أنها قد بللت ثيابك!
ما أصعب أن ترى بنية علمية قوية، ومؤسسة وطنية رائدة، وعلامة تجارية تعد إحدى أقوى العلامات العربية التجارية، وأفرعاً في عشرات الدول هنا وهناك، وسمعة دولية يُفتخر بها، ثم تفسد هذا كله خدمة عملاء على طريقة «خليك ع الخط»!
ما أصعب أن تقضي شطراً من عمرك مع صديق جميل، وتكتب اسمه على ورقة في شجرة العائلة، وتغطيه وهو نائم في حضنك في ليلة باردة، تأخذه إلى مقهى لتسر إليه بأنك قد كتبت أملاكك باسمه، حتى إذا جاء وقت الحساب اختبأ في دورات المياه!
ما أصعب أن تراها سعيدة بفستان الزفاف، وفخورة بأنها سترتبط بذاك المناضل (وماذا تريد النساء من الحب إلا قصيدة شعر، ووقفة عزٍ، وسيفاً يقاتل؟ وماذا يردن سوى أن يكن بريقاً جميلاً بعينَيْ مناضل!) وفي لحظة زفافها إليه تلتمع الدمعة في عينيها حينما تذكر بأن رجلها الأكبر يقبع خلف قضبان عدوٍ، أصبحنا نلوم بعضنا في عدم السلام عليه!
ما أصعب أن تحقق كل شيء في حياتك.. ثم تموت وحيداً!
ما أصعب أن تتعب وتجتهد بشكل يومي.. وتضحي بالملذات وجلسات السمر لكي ترفع علم بلادك.. وفي لحظة التتويج يتم رفع علم الرياضة الأولمبية بدلاً منه!
#عبد الله_الشويخ
Twitter:@shwaikh_UAE
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .