سفينة العمر

الحياة أقصر من أن نقصرها، ومهما طال العمر سيظل قصيراً ويظل الإنسان مفعماً بالأمل، ولا يفكر في ذلك اليوم الذي يترك فيه هذا العالم إلى عالم الحق، مهما رأى الإنسان من مواعظ ومحن تحدث أمامه يبقى لديه الأمل دائمأ وكأنه سيعيش الدهر. إن رحلة الحياة مثل ركوب سفينة في بحر متلاطم الأمواج، توجد قوانين ولوائح توضح لنا طريقة الإبحار الآمن، الذي يمكن أن يساعدنا على الوصول إلى وجهتنا، لكن هذه السفينة ليست لنا فقط، بل هناك آخرون يركبون معنا وتحتم قواعد الرحلة أن نتعاون معاً ونتعايش سوياً حتى يصل كل منا إلى وجهته، إذا أحسنا التعاون والتفاهم وتحمل كل منا الآخر فسوف تصل السفينة بأمان ونسعد جميعاً ونحمل معنا ذكريات جميلة، ونشعر بالحنين لتلك السفينة ونستعيد ذكرياتنا من وقت لآخر ونشعر بالامتنان لرفقاء الرحلة، ولكن إذا لم نتحمل بعضنا بعضاً، وبدأنا في إهدار طاقتنا ومواردنا في اتجاهات سلبية فسوف نخسر ما لدينا، وسنخسر بعضنا بعضاً، بل سنخسر أنفسنا في نهاية المطاف.

• إذا أحسنّا التعاون والتفاهم وتحمّل كل منا الآخر فسوف تصل السفينة بأمان.

إن رحلة السفينة نسبية وتختلف باختلاف كل منا، فالبعض قد تستغرق رحلته أياماً قليلة، والبعض قد يظل على متن السفينة أسابيع أو شهوراً أو سنين، القاعدة أن كلاً منا سيأتي موعد مغادرته لتلك السفينة، إما مغادرة نحو وجهة جديدة أو سفينة جديدة، وقد تكون مغادرة نهاية لعالمنا كاملاً. وكما يقول المثل، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فدائماً هناك تحديات وعقبات تواجه سفينة العمر، فكيف يمكن للسفينة أن تنجو إذا كانت تواجه تحديات خارجية من البحر والطقس وفي الوقت نفسه تواجه تحديات وتهديدات داخلية بين ركابها، لابد أنها ستهلك بمن فيها، لكن إذا تعامل كل راكب بعقل وموضوعية، وآثر المصلحة العامة على المصلحة الذاتية، ولم يغلب الأنا فسوف ينجو الجميع.

لقد استوحيت موضوع هذا المقال من مقولة ذات معانٍ كبيرة للراحل خالد الذكر «عبدالوهاب مطاوع» صاحب بريد الأهرام، رحمه الله، إذ يقول: «انتهزوا فرصة الأيام فإنها لا تطول ولا تفسدوها عليكم وعلى شركاء الحياة بالشقاق والنزاع حول أتفه الأسباب، املأوا عيونكم من وجوه الأحباب فلعلكم لا ترونهم بعد حين، ارتقوا فوق الصغائر فغداً سوف تصل السفينة الى مرفئها الأخير ويفترق الركاب»، نعم لنملء عيوننا من وجوه الأحباب وننعم بقربهم ونراعي مشاعرهم، ونخبرهم بأننا نحبهم، ولنستمتع بكل لحظة في قربهم حتى لا نندم بعد فوات الأوان، وحتى لا تنفذ طاقة الحب لدينا، فلا نعد نبالي فنفقد طعم الحياة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة