الفاشل لا يتحمّل المسؤولية

قبل سنوات عدة أعلن وزير التعليم الياباني استقالته بعدما شاهد صوراً منتشرة لعدد من الطلبة قاموا بتمزيق الكتب المدرسية، فاعتبر ذلك دليلاً على فشل سياسته التعليمية، وعدم قدرته على جعل المدرسة بيئة محببة للطلبة.

المسؤول الشجاع لا يختلق الأعذار عندما يُخطئ.

هناك من سيعتقد أن الوزير بهذه الاستقالة قد تهرب من المسؤولية، وهناك من سيرى على النقيض من ذلك أنها شجاعة منه، باعتباره الرجل الأول المسؤول عن التعليم في اليابان، وقد يقول قائل وما شأننا في غيرنا، فما يحدث في اليابان يبقى في اليابان، وما قد يحدث في نيكارغوا يبقى شأناً مرتبطاً بنيكارغوا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هناك أدنى مقارنة.

الموضوع ليس له صلة بالتعليم ولا في أي شأن محدد بقدر ما هو مرتبط بالمسؤولية والفشل والنجاح، قد يبقى أحدهم في منصبه لسنوات طويلة فلا ينتابك ذلك الشعور أنه غارق في الجهل والتخلف، لأنه حريص على مواكبة التطور ويحرص على الارتقاء بالمؤسسة أو الجهة الحكومية، وهناك من تبوأ منصباً جديداً فأعاد الجهة الحكومية أو الخاصة إلى نقطة الصفر ليثبت أنه فاشل مع سبق الإصرار والترصد.

ربما من الظلم أن نحكم على شخص من تجربة واحدة، فليس الفشل مرة أو مرتين دليلاً على الفشل، هناك العديد ممن أبدعوا بعد تجارب عدة، بيد أنّ المصيبة في من يُعطى أكثر من مرة فيُخيب الآمال كعادته، ليس ذلك فقط، بل يكابر ويتجبر ويصر على أنه ليس مسؤولاً عن أي فشل.

لا داعي لأن أشير إلى الوضع الرياضي في الدولة لأشير إلى الفشل الذي يتكرر بين الحين والآخر، فيقوم كل مسؤول باتهام غيره رافعاً يده قائلاً: «ما لي خص»، ولا لعدد من القنوات الفضائية التي عجزت عن مواكبة القنوات الفضائية الأخرى، ولا عن الجهات التي تتحدث عن التوطين فكانت مثالاً مخزياً في إبعاد المواطنين، ولا عن الشركات المساهمة التي تعرضت للخسائر بسبب الإدارة السيئة وتبديد الأموال.

الحقيقة مثل الشمس لا تتغطى بغربال، المسؤول الشجاع لا يختلق الأعذار عندما يخطئ، لا يتهم غيره ولا يختلق الأعداء الوهميين ليقنع نفسه أنه يحارب على جميع الجبهات، بل يعلنها بكل صراحة أنا المسؤول الأول والأخير.. يقول الكاتب والروائي الإنجليزي مايكل كوردا: «الميزة الوحيدة التي تجمع بين الناجحين في العالم تكمن في قدرتهم على تحمّل المسؤولية».

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة