عندما يصاب الكاتب بالفصام!!
لا أجمل لدى كثير من العرب من رفع الشعارات والتغني بها، ولا أسهل لدى كثير من الكتّاب و«الأساتذة» من التنظير، ووصف الكلمات بمحسنات بلاغية و«غير بلاغية» من دون الاهتمام بحجم الحقيقة الفعلية في تلك الكلمات، فالحقيقة ليست مطلبهم، والأسباب يعلمها كثيرون.
مازال بعض الكتاب، وأخص هنا «الأستاذ» العزيز، طلال سلمان، يعيش في عالم وهمي مليء بأحلام وشعارات القومية والاشتراكية، وهو ما يعني انفصالاً تاماً عن الواقع، أشبه بذلك المرض الدماغي المزمن الذي يصيب وظائف العقل ويُعرف بالفصام!
طلال سلمان تحول من رجل قومي يدير صحيفة قومية، ليصبح شخصية إما صامتة أو مدافعة عن اختراق إيران للعالم العربي، ومن أجل ذلك شن هجوماً كلامياً على السعودية والإمارات تحديداً وبقية دول الخليج بشكل عام، في سلسلة من المقالات، متهماً إياها بالتخلي عن القضية الفلسطينية، والانجرار في حرب «غير مبررة» ومن «دون سابق» إنذار في اليمن، والتخلي عن دعم الدول العربية مالياً على حساب التسليح الذي لا توجد له فائدة حقيقية!
ارتدت السعودية والإمارات الزي العسكري واتجهتا إلى اليمن، هذا صحيح، ولكن أن يقول: «حدث ذلك فجأة ومن دون سابق إنذار»، وحدث ذلك «لأسباب غير مفهومة»، و«من دون أي مبرر»، فإن في ذلك تدليساً مقصوداً، وقولاً منقوصاً يرقى إلى مرتبة الكذب على القراء، وهذا ما لا يليق بكاتب ومثقف وأستاذ مطّلع على الشأنين العربي والإقليمي.
فلنأخذ الموضوع بحسن نية، ولنلتمس للأستاذ طلال سلمان العذر، فهو لا يعرف أبداً الارتباط الفعلي بين الحوثيين وإيران، وهو لا يدرك معنى أن تسقط عاصمة عربية رابعة في يد طهران، خصوصاً أن العاصمة العربية الأولى التي سقطت هي المدينة التي يعيش فيها، وهو لم يسمع أبداً بقاسم سليماني الذي يتجول ويحارب ويقتل في المدن العربية، والأخ سلمان غير مدرك خطورة الواقع الذي يعيشه لبنان، لذلك تجاهل خطورة إنشاء ميليشيات مسلحة يقودها سليماني في اليمن، على غرار «حزب الله» اللبناني، ولا يعرف خطورة تطويق الجزيرة العربية وطعن خاصرة المملكة العربية السعودية، والسيطرة على ممر مائي مهم!
دول الخليج لم تكن يوماً دعاة حرب، وهي دول لم تبخل يوماً بالمال لبناء ومساعدة الدول العربية والصديقة، وبذلت فعلياً، وليس عبر شعارات وكلمات، ما لم تبذله دول أخرى في نصرة القضية الفلسطينية، ولكن عندما يصل الخطر إلى حدودها، ويهدد وجودها، فإنها حتماً سترتدي الزي العسكري، وستدافع بشراسة وقوة عن أوطانها، لا خيار في ذلك، من دون تنظير ولا فلسفة ولا أوهام كلامية وأحلام بالية!
لقد ظلم طلال سلمان نفسه، خصوصاً أنه بنى سمعته من منطلق كونه صوت مَن لا صوت له، ليتحول إلى مطبل لاستهداف المدنيين السوريين، والتلاعب بمأساتهم ومعاناتهم الإنسانية، فتلاعب بالكلمات على حساب صدقيته، لقد تجاهل ما تقوم به الإمارات من تنمية وإعادة إعمار وتطوير في البنية التحتية في اليمن وغيره من الدول، وما تقدمه من مساعدات ومعونات إغاثية لم تشهدها مدن اليمن من قبل، لا في عهد المخلوع ولا غيره، فهي لم تشن حرباً بالطائرات لتهدم العمران فيها، بل شنت الغارات لرفع الظلم عن المظلومين، ولإعادة الحرية المسلوبة عن الشعب اليمني، والأهم من ذلك أنها وفرت الحياة الكريمة لهم ولأبنائهم.
سؤالي الأخير للزميل الناصري المعروف بعشقه لعبدالناصر: ترى هل كان عبدالناصر سيصمت تجاه سقوط أربع عواصم عربية في يد النظام الإيراني؟!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .