5 دقائق عادل محمد الراشد
القومية العربية بعيون شعوبية
لم تكن «عاصفة الحزم» حاجة أمنية ووجودية خليجية وحسب، بل هي ضرورة استدعتها متطلبات الدفاع عن الأمن والشرف القومي العربي. فبعد أن نجحت المساعي الحثيثة الغربية والإيرانية في تفكيك جيوش عربية كبيرة، وتعطيل دور دول عربية كبرى، بإشغالها بمعارك داخلية، وتسليمها لميليشيات طائفية، بدا الأمن القومي العربي مكشوف الرأس أمام القوى الدولية والإقليمية الطامعة في إعادة تفكيك وتقسيم الأرض العربية، ورسم خرائطها، وتقاسم خيراتها، والدفع بمصيرها إلى المجهول.
صنعاء، التي سلمها الانقلابيون إلى طهران، وتباهى القادة الإيرانيون بسقوطها بعد بغداد وبيروت ودمشق، ستكون إن شاء الله أولى العواصم العربية العائدة إلى حضن أمتها. |
وقد كانت دول الخليج العربي في ما مضى تقف في موقع الداعم المساند، الذي لا غنى عنه لما تسمى دول الطوق العربي لفلسطين، عندما كانت العين العربية لا ترى خطراً على أمنها أكبر من التوسع الصهيوني، والأطماع الاستعمارية الراعية له. وعندما أصيبت عيون بعض العرب بانحراف مذهبي وطائفي كشف عورات الولاء الشعوبي، والتستر بالطرح القومي حتى صارت طهران هي أكبر الحواضر عندهم، وملاليها هم رعاة القضية الفلسطينية ودعاة تحرير القدس، وميليشياتها هي الحارس الأمين على ذلك الأمن القومي، عندها وجدت دول الخليج العربي ومعها ما سلم من حواضر العرب، من ربيع واشنطن وفتنة قم، بالمبادرة لإعادة الروح إلى مفهوم الأمن القومي العربي، والعمل على إفشال المخطط الشيطاني لإسقاط ما بقي من الدول العربية، تمهيداً لنشر الفوضى الكاملة في العالم الإسلامي، وتقاسم إرثه بين القوى الدولية النافذة، ثم مكافأة إيران بتوسيع دورها السياسي والعسكري، وإطلاق يديها الملطختين بدماء الفتن الطائفية والشعوبية، لتشويه الإرث الحضاري والديني الأصيل، الذي حبا الله تعالى جزيرة العرب به، لتكون منبعاً أصيلاً لدينه، وحصناً منيعاً لمقدساته.
لذلك كان قرار تشكيل التحالف العربي، وكان القرار الأصعب بمواجهة التمدد الإيراني على الأرض العربية، وقطع دابر مؤامراته، وهزيمة مشروعه الطائفي في اليمن وسائر الأرض العربية، من خلال «عاصفة الحزم». فصنعاء، التي سلمها الانقلابيون إلى طهران، وتباهى القادة الإيرانيون بسقوطها بعد بغداد وبيروت ودمشق، ستكون إن شاء الله أولى العواصم العربية العائدة إلى حضن أمتها وحزام أمنها العربي، وأما الزبد فسيذهب جفاء، وتبقى نتائج تضحيات المخلصين، الذين لم ينشروا شعارات الأمن القومي العربي على حبال الباطنية الشعوبية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .