5 دقائق
صانع المطر
صانع المطر لدى بعض القبائل الإفريقية هو شخص ذو حيثية خاصة، ويحظى باحترام كبير بين أفراد القبيلة، يرث دوره من أسلافه، وغالباً يكون الابن الأكبر، في مواسم الجفاف يذهب أفراد القبيلة إلى صانع المطر من أجل أن يصلي ويقوم ببعض الطقوس من أجل استجلاب الأمطار، وبجانب ذلك يقوم ببعض المهام المفيدة للقبيلة ومعالجة المرضى. ولكن حديثاً بدأ هذا المصطلح يظهر في أدبيات إدارة الأعمال، ولكن بصورة مختلفة، حيث يُعرف «صانع المطر» بأنه الشخص الذي يجلب المشروعات والفرص للشركة، كما يقوم بخلق فرص جديدة لزملائه وأصدقائه، ومساعدة من يحتاجون إلى مساعدة. كما دخل هذا المصطلح إلى أروقة السياسة وجمع التبرعات، فالشخص الذي لديه القدرة على جمع مبالغ كبيرة من التبرعات لقضية سياسية أو إنسانية يُطلق عليه أيضاً «صانع المطر».
يمكن أن نكون صانعي مطر ونُسعد مَن حولنا ولو بقدر بسيط جداً. |
ويمكن تلخيص سمات شخصية هذا الإنسان بأنه مُحب للخير، لديه الرغبة دائماً في مساعدة الآخرين، حتى إن لم يحصل على مقابل أو كلمة شكر، لأن التقدير بالنسبة له أمر داخلي، أي يحدث من قيامه بهذه المهمة وليس من خلال ثناء الآخرين، كما أنه شخص إيجابي ولديه مهارات اتصال ممتازة. والحقيقة أن مثل هؤلاء الأشخاص يضيفون قيمة أكثر للحياة، لأنهم يستخدمون قدراتهم ومواهبهم في مساعدة الآخرين الذين قد تكون قدراتهم محدودة أو ليس لديهم القدر الكافي للوصول إلى تلك الفرص دون مساعدة.
إن مساعدة الآخرين هو أمر رائع حثت عليه الأديان السماوية، وهو أمر يتماشى مع الفطرة البشرية، وقد ورد هذا المفهوم في تعاليم الإسلام الذي حث على التعاون على البر والتقوى والعمل الصالح، كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة، فمن كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجته يوم القيامة. ولكن المتأمل لنمط الحياة العصرية بمشاغلها وتحدياتها يجد أن هناك عدداً قليلاً من صانعي المطر، بل عندما نقابل إنساناً يقدم لنا المساعدة والعون فقد نتشكك في نواياه، وذلك لأن مساعدة الآخرين أصبحت استثناء وليست القاعدة، إلا أن الخير دائماً موجود بداخلنا، ويمكن لكل منا أن يكون هو نفسه مصدر سعادة لمن حوله، على الأقل في محيط عمله وفي محيط أسرته والمقربين منه ولو بمساهمة بسيطة، وذلك لا يحتاج إلى تدريب أو إعداد مسبق، فكلنا يمكن أن نكون صانعي مطر ونُسعد مَن حولنا ولو بقدر بسيط جداً، قد يكون مجرد حديث إيجابي أو ابتسامة، وقد يكون المساعدة في إنجاز مهمة، فضغوط الحياة وتحدياتها تحتّم علينا أن نتعاون ونتكاتف، ودائماً الوقت الصحيح لنبدأ هو الآن.
Alaa_Garad@
Garad@alaagarad.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .