الإمارات تدعم هذه الثورات!
شرارة الثورة الصناعية الأولى تفجرت في بريطانيا مع اكتشاف الآلة البخارية، في ستينات القرن الثامن عشر، حيث احتلت الصناعة مكانة ريادية في العالم، متفوقة على الزراعة، وازدهرت صناعتا النسيج والصلب كأهم الصناعات العالمية في تلك الحقبة.
ثم تفجرت الثورة الصناعية الثانية في القرن الثامن عشر، عندما اكتشف الأميركي توماس اديسون الكهرباء، والمصباح الكهربائي الذي شاع استخدامه من 1880، رافق هذه الثورة اكتشاف البترول، والطفرة الصناعية الكبرى باستخدام المواد الكيماوية، وتعززت مكانة البترول بالإنجازات العلمية المحققة في ابتكار المحرك الانفجاري، الذي أصبح حقيقة مع بداية القرن العشرين، ليدخل العالم عهد السيارة ذات المحرك، التي شكلت تحولاً جذرياً في مفهوم المواصلات.
وقبيل نهاية الحرب العالمية الثانية، عرف العالم القنبلة النووية، بعد أن لجأت إليها الولايات المتحدة لإلحاق الهزيمة باليابان، ليتواصل استخدام الطاقة النووية عسكرياً إلى حدود ستينات القرن العشرين، حيث ظهرت استخدامات أخرى لهذه الطاقة الهائلة، خصوصاً في مجال الطب والصناعات الدقيقة.
تعززت هذه الطفرات بعد إطلاق مشروعات غزو الفضاء، وما ترتب عليها من ظهور البث التلفزي الفضائي، ثم الإنترنت التي بدأت شبكة اتصالات سرية للجيش الأميركي، ثم أتيحت للاستخدامات المدنية والتجارية في بداية تسعينات القرن العشرين.
هذه هي أهم محطات الثورات الصناعية الثلاث، والباحثون يرون الآن أن العالم مقدم على طفرات أخرى، قد تبلغ حدود الثورة الجديدة، وذلك في ضوء البحوث الجارية في مجالات عدة، والتي يُتوقع أن تنقل العالم إلى واقع جديد، تنقلب فيه مفاهيم العلوم الدقيقة رأساً على عقب.
جميع الثورات الصناعية السابقة تفجرت في أوروبا وأميركا، لكن هذه الثورة الرابعة تحديداً، رغم أنها أيضاً أوروبية وأميركية المنبع، إلا أنها هذه المرة ستمر من هنا، من الإمارات تحديداً، التي اختارت ألا تكون دولة هامشية في عالم مترامي الأطراف، بل اختارت أن تكون فاعلة ذات تأثير، فجعلت التطور والابتكار هما القمة الجديدة التي تسعى للوصول إليها، بعد أن ارتقت وصعدت عالياً في قمم أخرى.
حكومة دولة الإمارات أدركت أهمية المستقبل في توجهاتِها، وعملتْ على استباق الزمن في تحويلها إلى واقع نعيشُهُ اليوم، وشاركت في مجالس المستقبل العالمية لتحقيق سعيها لصناعة غد أفضل، وكرست ذلك بإعلانها خطة عمل تنفيذية من خمسة محاور، تترجم توجهات الثورة الصناعية الرابعة إلى حراك عالمي، تقوده الدولة بالتعاون والشراكة مع «دافوس».
الإمارات ستعمل على تصميم ووضع الأسس العامة والأطر التشريعية والتنظيمية لتطبيق تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، وستسهم في تأسيس مجالس الثورة الصناعية الرابعة، إضافة إلى إطلاق برنامج لضم حكومات المنطقة إلى شبكة خبراء مجالس المستقبل العالمية، وستكون الإمارات أول مختبر عالمي مفتوح لتجربة وتطبيق تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، وتسريع خلق أسواق عالمية لها.
هذه الثورات التي نفخر في الإمارات بأن ندعمها، ونكون جزءاً منها، ونساعد على انتشارها لتغطي العالم، ثورات العلم والمعرفة وصنع مستقبل أفضل للبشرية، ثورات الابتكار والاختراع والتطوير المستمر، ثورات استخدام العقل من أجل الحياة، لا تشغيل العقل للقتل والتدمير، ثورات ترفع من قدر الإنسان، وليس من أجل فنائه وتدمير الأوطان ونشر العنف والكراهية والطائفية البغيضة!
reyami@emaratalyoum.com
twitter@samialreyami
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .