أبواب
خدمة يا حبيبي
في الوقت التي أخفقت مراكز الدراسات بخبرائها وكوادرها وأرقامها وعيناتها واستماراتها في التنبؤ بفوز الرئيس الأميركي الخامس والأربعين، نجح في ذلك قرد صيني مسخوط بكفاءة ودون الحاجة لبرامج التحليل.
كل المؤشرات كانت تفيد بأن هيلاري كلينتون ستكون الرئيسة المقبلة للولايات المتحدة، فكانت الأخت مرتاحة أيما ارتياح وتتحدى وتتبختر في المناظرات بكل ثقة، آملةً كسب نقاط جديدة في مؤشرات التأييد، وفي الوقت الذي كانت تطلق العنان لابتسامتها كلما لمحت صورها واسمها يرفرفان بين جموع المناصرين وهي «نازلة طسّ» في منافسها الوحيد ترامب، مع كل هذا الاطمئنان، كان للقرد صاحب العينين المدورتين رأي آخر ومختلف، حيث أدار ظهره لكل هذه التوقعات وجعل فطرته تختار له الرئيس المقبل.
على ضفاف بحيرة شيان في مدينة تشانجشان في جنوب الصين، كان يجلس القرد الصيني بكل أريحية ويرتدي قميصاً أصفر مكتوباً عليه ملك التوقعات، وقد سلمه «الغانمون» بطاقة مكتوباً عليها باللغة الصينية كلمة «ناخب»، ووضعوه بين صورتين الأولى للسيدة هيلاري والثانية للرئيس ترامب، وتركوه يتصرّف على سجيّته، فما كان منه إلا أن قفز من مكانه وقبّل بعنف صورة ترامب ليكون أول من يختاره زعيماً لأميركا قبل الناخبين الأميركيين أنفسهم، فصدق تنبؤ القرد قبل أسبوع من الانتخابات وخابت تنبؤات مراكز الدراسات قبل ساعات من النتائج، وكان لسان الحال يقول إن المرحلة المقبلة كلها ستكون مرحلة «قردنة» بما أن القرد هو من اختار وهو من قرر.
كنت أتمنى لو تفضّلت علينا وكالات الأنباء ووافتنا بتفاصيل أكثر تتحدث عن اسم القرد الحقيقي ومكان إقامته و«ايميله» الشخصي ورقم هاتفه علّنا استعنّا به هنا في الشرق الأوسط وأنبأنا بملفات كثيرة مفتوحة على الوجع والدم.. طبعاً أنا على استعداد كامل لاستضافته ماكل شارب نايم ورعايته أفضل رعاية وإكرامه بــ«كرتونة موز صومالي» يومياً، مقابل أن يضمّد قلقنا بشيء من التطمين.. مهمّته هنا ستكون مختلفة، بما أنه في الشرق الأوسط لا يوجد خيارات بين مرشحي رئاسة حتى يختار.. فسنضع أمامه سنوات الروزنامة كلها ليختار لنا في أي سنة سيرحل بعض الديكتاتوريين والجلادين والطغاة عن بلادهم.. سنفرد أمامه كل سنين القرن وله أن يختار ما يختار ويريّحنا.. من يدري ربما ما عجز عنه مجلس الأمن وهيئة الأمم وكل مبعوثي السلام ينجزه هذا القرد الطيب.. أرأيتم إلى أي حال وصلنا، صرنا ننتظر الفرج حتى لو كان من «عبث قرد»!
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .