قادة التعلم

إذا بحثت عن كلمة Leadership أي «القيادة» على محرك البحث «غوغل» فسوف تحصل على 785 مليون نتيجة في أقل من ثانية، وعلى الرغم من ضعف المحتوى العربي على الإنترنت فإنك إن بحثت باللغة العربية عن الكلمة نفسها فستحصل على نحو 49 مليون نتيجة في أقل من الثانية أيضاً. إن موضوع القيادة وأساليبها، وكذلك خصائص القادة، هو من أهم الموضوعات وأكثرها دراسة في علم الإدارة، وذلك لأهمية دور القادة في العالم، فالقادة هم من يبدأون دائماً بالتغيير والتحسين. وقد استفاضت الدراسات في شرح وتحليل سمات القادة ومهاراتهم واتجاهاتهم، وتختلف تلك السمات باختلاف المدارس الفكرية، لكن القاسم المشترك في كل النظريات هو مقدرة القادة على التعلم بل وسرعتهم في التعلم، فالرؤساء التنفيذيون القادرون على التعلم من أخطائهم وأخطاء الغير هم الأقدر والأسرع في التنبؤ بالتغيير واستشراف المستقبل، وبالتالي الاستعداد له ومواجهته بأقل الخسائر إن لم يكن من دون خسائر، بل بتحقيق المكاسب الهائلة.

ليس بالضرورة أن ترتبط القيادة بالمنصب أو المكانة الاجتماعية، فقد تظهر علامات القيادة على أطفال في سنواتهم الأولى.

ليس بالضرورة أن ترتبط القيادة بالمنصب أو المكانة الاجتماعية، فقد تظهر علامات القيادة على أطفال في سنواتهم الأولى، وقد يكون أحد الموظفين قائداً في مكان عمله دون أن يشغل أي منصب إداري أو تكون لديه مهام إشرافية، وهناك أمهات ومعلمات يقُدن أجيالاً نحو التميز والتعلم، وكذلك آباء أثروا في حياة أبنائهم وأجيال كثيرة من دون أن يكون لديهم حظ من التعليم، لكنهم كانوا مثالاً للتعلم، فالتعلم ليس بالضرورة أن يكون ناتجاً عن التعليم. إن القادة الذين خلدهم التاريخ كان لديهم الشغف الدائم للتعلم من أي مصدر ومن كل مصدر، كانوا دائمي القراءة والاستماع لأهل الاختصاص، كانوا يتفكرون ويتدبرون، لقد كانوا قادة للتعلم قبل أن يكونوا قادة بحكم أي منصب.

لاشك أن التنفيذيين في مؤسسات معينة يتوقع منهم أن يلعبوا دوراً قيادياً مهماً لأقصى درجة، فمديرو الدوائر الحكومية ورؤساء الشركات يمكن أن يكونوا قدوة لفريق عملهم في التعلم والتواضع، ثم يأتي الدور الأهم لشريحة أخرى بحكم عملهم وهم رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وأساتذة الجامعة، ومديرو المدارس والمعاهد، والمعلمون بكل تخصصاتهم، والأمهات والآباء، كل هؤلاء ينبغي أن يكونوا قادة للتعلم لأنهم ومن دون أن يلاحظوا يؤثرون في شريحة كبيرة من أجيال المستقبل ليس بالقول فقط بل بالفعل أيضاً، لذلك فهم بحاجة لأن يكونوا قدوة في التعلم والأخلاق والتواضع، ولقد سهلت التكنولوجيا التعلم وتطوير الذات وبالمجان أيضاً، فالكثير من البرامج التدريبية المتميزة التي تقدمها جامعة هارفارد أصبحت متاحة وليس علينا إلا البدء والاستمرار في التعلم.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة