مشروع غيّر التاريخ والجغرافيا..

كرّمت هيئة الطرق والمواصلات في دبي، خلال حفل أقيم نهاية الأسبوع الماضي، الشركاء الاستراتيجيين المساهمين في إنجاز مشروع قناة دبي المائية، وهذا في حد ذاته لفتة جيدة وجميلة لتكريم فرق العمل، وإعطاء دافع معنوي كبير، لكل من أسهم في هذا المشروع التاريخي، لكن ما يلفت النظر حقاً في التكريم، هو ذلك الفيلم القصير جداً، الذي عرضته الهيئة، واستعرضت فيه مراحل إنجاز المشروع.

فيلم سريع لم يتعدَّ دقيقة، بدأ من قبل عملية الحفر، وانتهى بوصول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مفتتحاً القناة، والحقيقة التي تستحق أن نقف عندها أن مشروعات دبي الحيوية تنفذ بسرعة ودقة كبيرتين، وبشكل لا يشعر به أحد، هذه الدقيقة في الفيلم، تحاكي الواقع، فنحن مازلنا نذكر اليوم الذي تم فيه الإعلان عن المشروع، قبل أن تنطلق آليات العمل، وها نحن اليوم نمشي في ممشى القناة، ونبحر فيها، ونلتقط الصور على جانبيها، إنها سنوات مرت علينا فعلاً كأنها دقيقة!

مشروع قناة دبي المائية، هو مشروع تاريخي بكل معنى الكلمة، غيّر تاريخ وجغرافية وشكل مدينة دبي، التاريخ سيقف عند محطتين متعلقتين بخور دبي، الأولى في 1954، عندما قرر الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، تعميق مياه الخور لتتمكن السفن الكبيرة من الإبحار فيه، وانتعشت في تلك الفترة تجارة دبي، والمحطة الثانية في 2016، عندما افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قناة دبي المائية.

شق قناة بطول 12 كيلومتراً هو عمل مهم، لكنه جزء من مشروع صعب يتضمن رفع ثلاثة شوارع رئيسة في مدينة مكتظة مملوءة بالسيارات والبشر، وهذا ما اعتبر أحد أكبر تحديات المشروع، لكن التحديات كلها أصبحت اليوم جزءاً من الماضي، وأصبح للمنطقة شكل جديد، وشوارع جديدة، وجسور علوية، وقناة مائية مذهلة، وأصبحت دبي جزيرة في مدينة مختلفة شكلاً ومضموناً عن دبي قبل عام 2016!

النجاح لا يأتي فجأة دون عمل وتخطيط، فهو له أسبابه، وأسباب نجاح مشروع قناة دبي المائية بشكل مذهل، تتمثل في وجود قائد صاحب رؤية، شجاع في اتخاذ القرارات الصعبة، ووجود فرق عمل تعمل ليل نهار، لمواكبة أفكار ومقترحات ومشروعات القائد، والتعاون المذهل بين مؤسسات القطاعين العام والخاص في دبي، حيث أسهمت شركات خاصة وشبه حكومية، مثل دبي القابضة وميراس وميدان، ومجموعات كبيرة من الشركات الخاصة المتخصصة، إضافة إلى الجهد الكبير الذي بذلته هيئة الطرق والمواصلات لإدارة وإنجاز المشروع، ووجود هذا التنوع والتعاون والتنسيق الدائم لاشك في أنه أحد أسباب ظهور الإنجاز بهذا الشكل اللافت.

المال ليس كل شيء، ولا يمكن أن يكون وحده معياراً لنجاح المشروعات، هذا ما تثبته دائماً مشروعات الإمارات المتميزة، هي أسرع من غيرها، وأدق من غيرها، لأننا هنا نسابق الزمن، وهو لن ينتظرنا يوماً، «ولماذا لا نصنع ونُنجز كل شيء اليوم، إن كان بإمكاننا ذلك؟»، ببساطة هذا كان رد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على سؤال: «لماذا تُصرّ على بناء أطول برج، وأعقد المشروعات في فترات زمنية متقاربة؟ لماذا لا تترك شيئاً للمستقبل؟»، وهذه ببساطة سياسة الإمارات في تحقيق الإنجازات.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة