قمة روّاد التواصل.. للروّاد فقط
عندما تتنافس المؤسسات الحكومية مع الأفراد، وتقتحم عالمهم وتحصد جوائز في مجالات التواصل الاجتماعي المختلفة، فاعلم أنك في الإمارات حيث تتنافس المؤسسات العامة في تقديم الخدمات وكسب رضا المتعاملين، وعندما تفوز وزارة الداخلية بجائزتين في التواصل الاجتماعي، فاعلم أنها تتمتع بشفافية مطلقة، وليس عندها ما تخفيه عن الناس، وأنها تسعى للوصول إلى المتعاملين قبل وصولهم إليها، وهذا أمر غير معهود على وزارات الداخلية في أماكن وبلدان أخرى!
في قمة روّاد التواصل الاجتماعي العرب، التي حضرها أكثر من 2500 شخص في دبي، كرّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مجموعة من رواد التواصل، لم يكرمهم لأشخاصهم، وإنما لعملهم وأسلوبهم وأدائهم الإيجابي في هذا العالم الافتراضي المملوء بمختلف النماذج الصالحة والطالحة، الإيجابية والسلبية، النبيلة والرديئة، كرّمهم لأنهم نماذج جيدة لكيفية استخدام هذه الوسائل في أشياء مفيدة، تعود بالنفع على المجتمعات والأجيال، استخدموها الاستخدام الأمثل ووظفوها لما فيه مصلحة شباب العرب جميعاً في المحيط العربي الكبير.
قبل سنوات عدة كنا نعتقد أنه من غير الممكن تغيير عالم التواصل الاجتماعي المملوء بالنماذج السيئة، والممارسات البغيضة، والكلمات المثيرة للكراهية، كثيرون وجدوا ضالتهم في التعبير عن دواخلهم في عالم التواصل الاجتماعي، وكل إناء بما فيه ينضح، ولكن في قمة التواصل الاجتماعي للرواد العرب، اكتشفنا أن هناك فائدة كبيرة من تنظيم هذه القمة، ليست دعائية، فدبي اسم أكبر من الدعاية المباشرة الآن، كما أن القمة ليست لأغراض التجميل والمجاملة، إنها في غاية الأهمية لأنها تجمع وتكرّم مؤثرين ورواداً استخدموا عقولهم في وسائل التواصل لنفع مجتمعاتهم أولاً، ولتقديم محتوى مفيد وراقٍ يناسب الأعمار كافة.
إنهم نماذج رائدة لكيفية تسخير التكنولوجيا لمصلحة المجتمع، لنشر المحبة والسلام والأخلاق والمعرفة، كل بطريقته وبأسلوبه وفي مجاله، وهذا هو ما نحتاج إليه من وسائل التواصل الاجتماعي، نحتاج إلى أن نجعلها تسير في صراط مستقيم ومفيد، بعد أن ضلت طريقها وتحولت إلى وسائل تناحر وتفرقة، وأداة خطيرة لنشر الأفكار الهدامة والمتطرفة!
قمة روّاد التواصل الاجتماعي، هي السبيل لمعالجة أي خلل من خلال المؤثرين والمستخدمين والمتابعين، فوجودهم هُنا ونقلهم للفعاليات لمئات الملايين من البشر لاشك في أنه يحفّز ويشجع ملايين الشباب ليحتذوا حذوهم ويصبحوا مؤثرين بالأفعال والأقوال واللقطات المفيدة الراقية لا بالسب والشتائم والتعدي على الذوق والأخلاق العامة.
النماذج المكرمة هي فعلاً شخصيات تستحق التكريم، لقد أبدعوا وأفادوا مجتمعاتهم، ونشروا المعرفة والمعلومات المفيدة، ومنهم من نشر الفن الراقي وحافظ على التراث والموروث الشعبي، ومنهم من انتهج أسلوب التوعية المتزنة غير المملة، ومنهم من نشر الابتسامة بأسلوب جميل غير مبتذل، ولاشك أن هناك آلافاً غيرهم يستحقون التكريم، ومستقبلاً سنشاهد آلافاً بل عشرات الآلاف من النماذج الحميدة، لأننا كرمنا المتميزين وقدّرناهم، وتالياً سيصبحون دون شك محفّزين لغيرهم، وهذه تحديداً هي نقطة القوة، بدلاً من جعل الساذجين نجوماً لنضرّ بهم أبناءنا ومجتمعاتنا. قمة الرواد هي فعلاً للروّاد، ومن يرد أن يكون جزءاً منها فليصبح رائداً بأسلوبه وكلماته على وسائل التواصل الاجتماعي!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .