كل يوم
مجتمع الإمارات لا يعرف التطرّف
مجتمع الإمارات لا يعرف التشدّد، وهو بشكل عام مجتمع متسامح تغلب على أهله الطيبة والرحمة وحب الآخرين، لذا فإن حالات التشدّد - إن وجدت هُنا - حالات فردية تأثرت بأفكار خارجية دخيلة وغير معهودة داخل الدولة، فالفكر التكفيري، ونبذ الآخر والتطرف الديني، لم يكن له أي وجود على أرض الإمارات منذ القدم ، وهو مازال غريباً على أهل الإمارات، وغير مرحب به على أرضهم.
الغلو في الدين هو أساس كل مصيبة، وتصنيف الناس وفقاً لمذاهبهم، بمسلمين وكفار، هو باب الجحيم الذي يقود للكراهية والعنف، وهذا هو مفتاح الفكر التكفيري الذي يسيطر به المتطرفون والتنظيمات الإرهابية على عقول الشباب، خصوصاً تلك الفئة الجاهلة من الشباب عديمة الثقافة وقليلة العلم والقراءة، فهي وعاء فارغ قابل لأن يمتلئ بأي ترهات ومغالطات!
بإخراج الناس من الملة، وبتكفيرهم وتجريمهم حتى وإن كانوا ذا قربى، يقنعون المغرر بهم بالتخلص منهم وقتلهم، لا يهم إن كان الضحية مسلماً أو غير مسلم، ولا يهم حتى إن كان والداً أو والدة أو أخاً أو أختاً، لا تهم صلة القرابة، فهم في نظرهم مجموعة من المجرمين الكفار يجب قتلهم بدم بارد لنيل رضا الله.. تعالى الله عن معتقداتهم وفعلهم الإجرامي البشع، وحاشا للإسلام أن يكون ديناً عنيفاً لا رحمة فيه!
الفكر المتطرف الضال لا أصل له في الإمارات، ولكن العالم اليوم قرية صغيرة، بل أصغر من قرية بكثير، ووصول هذا الضلال إلى عقول بعض الجهلة من الشباب أمر محتمل، صحيح أنه الآن لا يشكل ظاهرة، لكن وجوده، وإن كان في حالات فردية محدودة، أمر مرفوض، وهو مؤشر في غاية الخطورة، لذا فإن اجتثاث هذا الفكر هو أهم الأولويات، وهذه المسؤولية ليست مسؤولية جهة معينة، ولا مسؤولية الحكومة وحدها، هي مسؤولية الجميع، لأننا جميعاً مهددون وفق هذا الفكر المتطرف، فهو يضع العالم كله في كفة واحدة تستحق القتل، وأتباعه فقط هم في كفة الحياة، وهم المسؤولون عن تطهير العالم من كل من يعترض شذوذهم الفكري!
هم أشد أعداء الدين الإسلامي الحنيف، فهم بنهجهم غير الإنساني، وبأسلوبهم الوحشي، آذوا الإسلام وشوهوا صورته، فلم يُبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليقتل كل من لم يؤمن به، ولم يؤذِ قومه وعشيرته وأهله، وكان هيناً ليناً رؤوفاً رحيماً، بل كان رحمة للعالمين، في حين أن هؤلاء المدّعين اليوم يأمرون الشباب بقتل آبائهم وأمهاتهم، من دون رحمة ولا إنسانية، فعن أي إسلام يتحدثون؟ وأي نبي هم يتبعون؟!
لا يجب التساهل مع كل من يؤيد هؤلاء، ولا يجب أن نترك أي متطرف متشدّد فكرياً طليقاً يُخطط ليوم تنفيذ جريمته النكراء. فهم خطر على أهلهم قبل أن يكونوا خطراً على المجتمع، هم ليسوا جزءاً من هذا المجتمع، وعلينا ألا نتركهم هنا، على الجميع أن يتعاون ويعمل ليل نهار لملء عقول الشباب بالأفكار الوسطية البناءة، حتى لا يأتي يوم تُملأ فيه عقولهم بأفكار ضالة مُضلة، تهدم البيوت، وتُثير الفتن، وتفرق بين الإنسان وأهله، وتسيء للدولة والمجتمع.
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .