المالد وميري كريسماس

حقيقة لا أدري إلى أين سيؤدي بنا هذا الجدل، الذي لا يقدم ولا يؤخر شيئاً في حياتنا، إذ إننا نُصرُّ على اختلاق الخلافات في كل مناسبة دينية واجتماعية، لنجعل منها قضية الساعة، التي سيتوقف عليها مصير البشرية، خلال السنوات المقبلة.

نتناقش ونختلف ويدلي كل واحد منا برأيه، لكن قبل ذلك لنرتقِ بالحوار لنصل إلى نهاية سعيدة.

جدال لا ينتهي بين المالد وتحريمه، وبين التهنئة بالكريسماس وعدم جواز التهنئة به، فتاوى يستعان بها هنا وهناك، كل واحد يدعم حجته بفتوى ورأي، هذا يرى أنه حرام، وآخر يراها جائزة، واحد يضع فتوى من جزر الواق واق، وآخر يستعير فتوى محلية، وثالث خلط بلط شيء من هنا وشيء من هناك، وليت المعمعة تنتهي بشيء مفيد، فغالباً لا هذا يقتنع برأي ذاك، ولا ذاك يقتنع برأي هذا، بل يتحول الجدال والاختلاف إلى تنابز بالألقاب وتخوين وتدعيش، وربما إخراج من ملة الإسلام والمسلمين.

قد يجتهد أحدهم ويفتي بفتوى، فلا يعني هذا أنها وحي من الله، فلربما يخطئ ولربما يصيب فيها، ولو رجعنا للتاريخ الإسلامي، لوجدنا العديد من الفتاوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان، وقد قال بدر الدين الزركشي في كتابه (البحر المحيط) في أصول الفقه: «إنَّ الأحكام تتغيّر بتغيّر الزّمان»، كما يرى ابن تيمية: «أن الفتوى تتغير بتغير أهل الزمان».

شخصياً أرى أن الموضوع لم يعد يتعلق بفتوى إباحة أو تحريم، بقدر ما تحول إلى استفزاز وترصد والبحث عن سبب للمشكلات، تتفاجأ بأحدهم الذي تعرف أنه لا يعرف اتجاه القبلة، يهب للحديث عن الحلال والحرام، لا يختلف عن خريج أي جامعة إسلامية، وآخر يدعي أنه مع الحرية والتسهيل على الآخرين، رغم أنه معقد في حياته من رأسه حتى أخمص قدميه، وآخرون ممثلون بارعون يتلونون قليلاً مع اليمين وقليلاً مع الشمال!

توجد أشياء كثيرة في هذه الحياة أهم بكثير من موضوع تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، هناك تحديات عالمية، ومشكلات في كل مكان، يوجد إرهاب لا يفرق بين مجرم وبريء، وشباب ضائع تائه بين دوامة التحليل والتحريم والانفلات.

لا بأس أن نتناقش ونختلف، ويدلي كل واحد منا برأيه، لكن قبل ذلك لنرتقي بالحوار، ولنصل إلى نهاية سعيدة، ليس بالضرورة أن نتفق معاً، لكن الأهم من كل ذلك ألا يخسر أحدنا الآخر.

Emarat55@hotmail.com

Twitter: @almzoohi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

الأكثر مشاركة