عام جديد.. وجدل جديد!
متفائلون بعام جديد مملوء بالعطاء والخير، فهو عام الخير، كما أطلق عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ومتفائلون بعام جديد تسوده المحبة والتسامح اللذان يُزينان دولة الإمارات ويميزانها عن غيرها من الدول، فهي واحة أمن وسلام، لجميع من يريد العيش بحب وسلام.
الإمارات ليست كغيرها من الدول، لها خصوصيات كثيرة، فهي متنوعة الجنسيات والثقافات، وشعبها كذلك، له صفات تميزه عن غيره، شعب اعتاد على التعايش مع الآخر منذ قديم الزمن، لا يرى في ذلك ضرراً، بل يرى في ذلك تجارة وحضارة ورقياً، فالجميع في هذه الدولة يعمل بجد واجتهاد، والجميع أسهم بشكل أو بآخر في مسيرة التنمية والتطوير، صحيح أن معظم الوافدين إلى هذه الدولة، بمختلف جنسياتهم ومذاهبهم، حققوا فيها نجاحات وطموحات شخصية، لكنهم أيضاً اجتهدوا وعملوا وأفادوا واستفادوا، وهم أيضاً جزء من مكونات المجتمع، نعيش معهم، ونتعامل معهم، ونحترمهم ونقدّرهم، وهم كذلك.
لذا ما ينطبق هُنا قد لا نجده في مكان آخر، والعكس صحيح، والفتاوى الدينية ليست استثناء من ذلك، خصوصاً تلك التي تخلق جدلاً شديداً، وتفرِّق ولا تقرِّب، وهي لا تمس الأساسيات، بل تظل اجتهادات شخصية لعلماء مختلفين، فالأولى هُنا اعتماد الفتاوى الصادرة عن الجهات الرسمية الإماراتية المختصة في ذلك، والاعتماد على علماء ومشايخ مواطنين، أو مقيمين في الإمارات يعرفون خصوصية الإمارات، واختلافها، وطبيعتها، ومكوناتها الثقافية والاجتماعية.
هذا الطرح لن يعجب كثيرين، ولذلك بعيداً عن الفتاوى، وبعيداً عن الجدل الديني الكبير، وبعيداً عن أي اختلافات أو نقاشات لا تؤدي إلى نتيجة، فلنأخذ الأمر من ناحية إنسانية، وأخلاقية، وذوقية، من ناحية حضارية وواقعية تناسب متطلبات زماننا هذا، وتناسب مكونات مجتمعنا، فأي ضرر قد يقع حين نهنّئ إخواننا في الحياة والإنسانية من الديانات الأخرى بالسنة الجديدة؟ وما الضرر في تهنئة الإخوة المسيحيين بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام؟
مرة أخرى بعيداً عن التجاذبات والأدلة والبراهين، والاختلاف والاتفاق، نحن نعيش معهم، ونعمل معهم، وهم زملاؤنا في الوظائف، ومكاتبهم بجانب مكاتبنا في المواقع ذاتها، نعمل سوياً، ونأكل سوياً، ولكل منا معتقده ودينه، لم يقاتلونا ولم يؤذونا، وكذلك نحن، أليس من الأخلاق والذوق أن نهنئهم، كما يحرصون هم دوماً على تهنئتنا برمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى؟ إنها مجاملات وذوق وأخلاق وتعاملات إنسانية قبل أن تكون أي شيء آخر، فنحن لسنا في دار حرب معهم، نحن وإياهم نبني ونعمل ونطور بلاداً عزيزة علينا جميعاً!
هناك ما هو أهم من ذلك، وهناك ما هو أكبر وأخطر من ذلك، فالعالم اليوم لا تنقصه النزاعات والخلافات والحقد والكراهية، وزمان اليوم ليس مثل قبله، والعالم اليوم أيضاً ليس كعالم الماضي، والإسلام دين محبة ورحمة، دين سلام، وإنسانية، وهو قبل كل شيء دين المعاملة، ولذا دخلت شعوب كثيرة في الإسلام، فقط لأنها شعرت بالخُلق والكرم والتعامل الراقي من التجار المسلمين معها، فمتى نطبّق تعاليم الدين في المعاملات، كما نطبقها في العبادات؟!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .