كل يوم
«تفصيل المناصب» بحجة إعادة الهيكلة!
عملية إعادة الهيكلة في علم الإدارة، هي عملية التغيير المدروسة للعلاقات الرسمية بين الوحدات الإدارية في المنظمة، ويقصد بذلك مجموعة الأنشطة والعمليات التي تصمم لزيادة كفاءة التنظيم، ورفع وتحسين القدرة التنافسية للمنظمة، بغرض تحسين الكفاءة والفاعلية.
فعملية إعادة الهيكلة الإدارية هي وسيلة رئيسة لتحقيق رفع كفاءة الأداء، وإزالة القيود التي تحد من الإنتاجية، وتعوق حركة التفاعل الطبيعي بين المتغيرات المرتبطة بالإدارة، من خلال إحداث تغييرات جذرية فاعلة في الأوضاع، والأساليب، والمفاهيم الإدارية السائدة.
هي ببساطة تغييرات في الوحدات الإدارية لصالح زيادة الكفاءة والإنتاجية، لكن ذلك لا يحدث أبداً في كثير من الجهات الحكومية هُنا، فإعادة الهيكلة تحولت في بعض الجهات الحكومية إلى مفهوم بعيد كل البعد عن ذلك، مفهوم جديد في عالم الإدارة، لتُصبح عبارة عن عمليات «تفصيل المناصب» لأشخاص، وتوزيع الصلاحيات الإدارية، وإلحاق تبعية الوحدات التنظيمية في المنظمة للأشخاص ذاتهم، وهُم عادة من يحبّهم ويرضى عنهم المدير العام، في مقابل ذلك سحب الصلاحيات وتجميد مناصب من موظفين، وفقاً لطبيعة العلاقة مع المسؤولين، لا بحسب الكفاءة أو بهدف تحسين القدرة الإنتاجية!
للأسف هناك من يستحدث إدارات من أجل أشخاص، وهناك من يدمج إدارات للسبب ذاته، وفي المقابل أيضاً هناك من يفكك إدارات من أجل إرضاء أشخاص معينين، لقد اختلطت العاطفة والعلاقات الشخصية، وشعور المحبة والكراهية في كثير من عمليات إعادة الهيكلة، بل طغت عليها لتُصبح هي السبب الرئيس في تغيير هيكل إداري كامل، بعيداً عن مصلحة العمل، وبعيداً عن كل فنون وعلوم الإدارة، وبعيداً عن معايير التطوير والتحسين ورفع الإنتاجية!
لا مانع من ترقية موظفين، ولا مانع من نقلهم، ولا أحد يعارض التغيير من أجل الأفضل، بل التغيير سنة محمودة، كما أن التغييرات الهيكلية مطلوبة بين فترة وأخرى، شريطة أن يكون هذا كله مرهوناً بالمصلحة العامة، ومرهوناً بمصلحة العمل والإنتاج والتطوير، والقضاء على السلبيات والجمود، لا أن تكون لمصلحة أشخاص غير أكفاء، كل ما يملكونه هو حب المسؤول الأول عن المنظمة لهم، وقربهم منه، لا أكثر من ذلك!
في الهياكل التنظيمية توضع المناصب دون أسماء، وفي ذلك دلالة على استمرارية وديمومة المنصب بغض النظر عمن يشغله، لكن عكس ذلك ما يحدث في بعض الجهات الحكومية، حيث يأتي الشخص أولاً، ومن ثم يتم البحث عن المنصب واستحداث الدرجة والمسمى الوظيفي له، وفي الأغلب لا يكون المنصب الجديد ذا أهمية في المنظمة الإدارية، لأنه مرتبط بشخص لا بحاجة إدارية فعلية، وغالباً وبمجرد تغيير ذلك الشخص، فإن المنصب المستحدث يُلغى تلقائياً، لعدم الحاجة إليه!
مثل هذه التصرفات الإدارية، غير المقبولة، تتسبب في هدر الطاقات والمال العام، كما أنها تولد الإحباط والتذمر، وتشيع بيئة سلبية في مكان العمل، كما أن فيها ظلماً إدارياً لكفاءات وطاقات منتجة، وظلماً من نوع آخر لأشخاص غير مؤهلين، يتولون مناصب لا يستحقونها أبداً!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .